يقول: قرأت اليوم (المص) و (ن) أي السورة التي قرأها من سور القرآن، كما يفهم عنه إذا قال: لقيت اليوم عمرا وزيدا، وهما بزيد وعمر وعارفان من الذي لقي من الناس. وإن أشكل معنى ذلك على امرئ فقال: وكيف يجوز أن يكون ذلك كذلك ونظائر ألم المر في القرآن جماعة من السور؟ وإنما تكون الأسماء أمارات، إذا كانت مميزة بين الاشخاص، فأما إذا كانت غير مميزة فليست أمارات. قيل: إن الأسماء وإن كانت قد صارت لاشتراك كثير من الناس في الواحد منها غير مميزة إلا بمعان أخر معها من ضم نسبة المسمى بها إليها أو نعته أو صفته بما يفرق بينه وبين غيره من أشكالها، فإنها وضعت ابتداء للتمييز لا شك ثم احتيج عند الاشتراك إلى المعاني المفرقة بين المسمى بها. فكذلك ذلك في أسماء السور، جعل كل اسم - في قول قائل هذه المقالة - أمارة للمسمى به من السور. فلما شارك المسمى به فيه غيره من سور القرآن احتاج المخبر عن سورة منه أن يضم إلى اسمها المسمى به من ذلك ما يفرق به للسامع بين الخبر عنها وعن غيرها من نعت وصفة أو غير ذلك، فيقول المخبر عن نفسه إنه تلا سورة البقرة إذا سماها باسمها الذي هو (ألم): قرأت (ألم) البقرة: وفي آل عمران: قرأت (ألم) آل عمران، و (ألم ذلك الكتاب) و (ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم). كما لو أراد الخبر عن رجلين اسم كل واحد منهما عمرو، غير أن أحدهما تميمي والاخر أزدي، للزمه أن يقول لمن أراد اخباره عنهما: لقيت عمرا التميمي وعمرا الأزدي، إذ كان لا فرق بينهما وبين غيرهما ممن يشاركهما في أسمائهما إلا بنسبتهما كذلك، فكذلك ذلك في قول من تأول في الحروف المقطعة أنها أسماء للسور.
وأما الذين قالوا: ذلك فواتح يفتتح الله عز وجل بها كلامه، فإنهم وجهوا ذلك إلى نحو المعنى الذي حكيناه عمن حكينا عنه من أهل العربية أنه قال: ذلك أدلة على انقضاء سورة وابتداء في أخرى وعلامة لانقطاع ما بينهما، كما جعلت " بل " في ابتداء قصيدة دلالة على ابتداء فيها وانقضاء أخرى قبلها كما ذكرنا عن العرب إذا أرادوا الابتداء في إنشاد قصيدة، قالوا: بل...
ما هاج أحزانا وشجوا قد شجا (1) و " بل " ليست من البيت ولا داخلة في وزنه، ولكن يدل به على قطع كلام وابتداء آخر.
وأما الذين قالوا: ذلك حروف مقطعة بعضها من أسماء الله عز وجل، وبعضها من