فنسخوها في المصاحف - إلى أن قال: - ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق (1).
قال العسقلاني في شرح هذا الحديث: وفي رواية عمارة بن خزية: أن حذيفة قدم من غزوة فلم يدخل بيته حتى أتى عثمان، فقال: يا أمير المؤمنين أدرك الناس، قال: وما ذاك؟ قال: غزوت فرج أرمينية فإذا أهل الشام يقرأون بقراءة أبي ابن كعب فيأتون بما لم يسمع أهل العراق، وإذا أهل العراق يقرأون بقراءة عبد الله ابن مسعود فيأتون بما لم يسمع أهل الشام، فيكفر بعضهم بعضا (2).
فيستفاد من هذا الحديث أن عثمان قد جمع المسلمين على قراءة واحدة، فقضى على الألفاظ المترادفة التي استحدثها ابن مسعود ومن قال بمقالته، ولم يبق منها شئ.
ولعمري أن هذه النظرية - نظرية القراءة بالمعنى كما قيل - كانت أخطر نظرية في الحياة الإسلامية، لأنها أسلمت النص القرآني إلى هوى كل شخص يثبته على ما يهواه (3).
وواضح أن تخيير الشخص أن يأتي من تلقاء نفسه بمرادفات لكلمات القرآن أو بما لا يخالفه يستلزم وقوع الريب في القرآن العزيز. وقد قال الله تعالى * (قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن اتبع إلا ما يوحى إلي) * (4).
فعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب ونظراؤهما قد أخطأهم التوفيق في تفسير حديث " نزول القرآن على سبعة أحرف " ثم تجويزهم للمسلم تبديل كلمات الله بما يراد منها، أو بما لا يخالفها.
فلابد من القول بأن معنى حديث " نزول القرآن على سبعة أحرف " ليس هو ما فهموه وذهبوا إليه، فما هو ذلك المعنى يا ترى؟