هؤلاء صراحة لتطهير المجتمع الإسلامي منهم، أما هذا الأسلوب السلبي فهو مؤثر في احتقار هؤلاء وتحجيم دورهم، وتقزيمهم وطردهم من المجتمع الإسلامي.
من المعلوم أن المؤمن الحقيقي محترم في الشرع الإسلامي حيا وميتا، ولهذا نرى الدين الإسلامي الحنيف قد أصدر ضمن تشريعاته الأمر بتغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، وأوجب أن يولى احتراما كبيرا، وأن يودع التراب بمراسم خاصة، وحتى بعد دفنه فإن من حقوقه أن يزور المؤمنون قبره، ويستغفروا له، ويطلبوا الرحمة له.
إن عدم إجراء هذه المراسم لفرد معين يعني طرده من المجتمع الإسلامي، وإذا كان الطارد له هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه، فإن الصدمة والأثر النفسي على نفسيته ووجوده سيكون شديدا جدا.
إن هذا البرنامج والأسلوب الدقيق - في الواقع - كان قد أعد لمقابلة منافقي ذلك العصر، ويجب أن يستفيد المسلمون من هذه الأساليب، أي أن هؤلاء المنافقين ما داموا يظهرون الإسلام، فمن الواجب عليهم أن يعاملوهم كمسلمين وإن كان باطنهم شيئا آخر، أما إذ أظهروا نفاقهم، وكشفوا اللثام عن وجوههم الحقيقية، فعندئذ يجب أن يعاملوهم كأجانب عن الإسلام.
وفي آخر الآية يتضح سبب هذا الأمر الإلهي ب أنهم كفروا بالله ورسوله ورغم ذلك فإنهم لم يفكروا بالتوبة ولم يندموا على أفعالهم ليغسلوها بالتوبة، بل إنهم بقوا على أفعالهم وماتوا وهم كافرون.
وهنا يمكن أن يسأل أحدكم: إن المنافقين إذا كانوا - حقيقة - بهذا البعد عن رحمة الله، وعلى المسلمين أن لا يظهروا أي ود أو محبة تجاههم، فلماذا فضلهم الله تعالى ومنحهم كل هذه القوى الاقتصادية من الأموال والأولاد؟
في الآية الأخرى يوجه الله سبحانه وتعالى الخطاب إلى النبي ولا تعجبك أموالهم وأولادهم فإنها ليست منحة ومحبة من الله تعالى لهؤلاء المنافقين، بل