بل إن رواية صرحت بأن كل أعمال ابن آدم تتلقاها الملائكة إلا الصدقة، فإنها تصل مباشرة إلى يد الله سبحانه (1).
هذا المضمون قد ورد في روايات أهل البيت (عليهم السلام) بعبارات مختلفة، ونقل أيضا عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن طريق العامة، فقد جاء في صحيح مسلم والبخاري: " ما تصدق أحدكم بصدقة من كسب حلال طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة، فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل " (2).
إن هذا الحديث المشحون بالتشبيهات والكنايات، والعظيم المعنى، مؤشر ودليل على الأهمية الخاصة للخدمات الإنسانية ومساعدة المحتاجين والمحرومين في الأحكام الإسلامية.
لقد وردت عبارات حديثية أخرى في هذا المجال، وهي مهمة وملفتة للنظر إلى درجة أن اتباع هذا الدين يرون أنفسهم خاضعين لمن يأخذ منهم صدقاتهم، وكأن ذلك المحتاج يمن على المتصدق ويتفضل عليه بقبول صدقته.
فمثلا نجد في بعض الأحاديث، أن الأئمة المعصومين (عليهم السلام) كانوا أحيانا يقبلون الصدقة احتراما وتعظيما للصدقة، ثم يعطونها الفقراء، أو إنهم كانوا يعطونها للفقير ثم يأخذونها منه يقبلونها ويشمونها ثم يعيدونها إليه، لماذا؟ لأنهم وضعوها في يد الله سبحانه!
وبهذا ندرك عظيم الفاصلة بين الآداب الإسلامية وبين الأشخاص الذين يحقرون المحتاجين فيما إذا أرادوا أن يعطوا الشئ اليسير، أو يعاملونهم بخشونة وقسوة، بل ويرمون مساعدتهم أحيانا بلا أدب وخلق؟!
وكما قلنا في محلة، فإن الإسلام يسعى بكل جد على أن لا يبقى فقير واحد في