ظاهرهم، في حين أن الواقع أجوف. ويشكلون أصل الفساد والانحراف في كل مجتمع، ويرفعون راية العناد والمواجهة أمام دعوة الأنبياء (عليهم السلام).
والإشكال الثاني: إنهم قالوا: يا نوح، لا نرى متبعيك ومن حولك إلا حفنة من الأراذل وغير الناضجين الذين لم يسبروا مسائل الحياة وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي.
و " الأراذل " جمع ل " أرذل " وتأتي أيضا جمع ل " رذل " التي تعني الموجود الحقير، سواء كان إنسانا أم شيئا آخر غيره.
وبالطبع فإن الملتفين حول نوح (عليه السلام) والمؤمنين به لم يكونوا أراذل ولا حقراء، ولكن بما أن الأنبياء ينهضون للدفاع عن المستضعفين قبل كل شئ، فأول جماعة يستجيبون لهم ويلبون دعوتهم هم الجماعة المحرومة والفقيرة، ولكن هؤلاء في نظر المستكبرين الذين يعدون معيار الشخصية القوة والثروة فحسب يحسبونهم أراذل وحقراء..
وإنما سموهم ب " بادي الرأي " أي الذين يعتمدون على الظواهر من دون مطالعة ويعشقون الشئ بنظرة واحدة، ففي الحقيقة كان ذلك بسبب أن اللجاجة والتعصب لم يكن لها طريق إلى قلوب هؤلاء الذين التفوا حول نوح (عليه السلام) لأن معظمهم من الشباب المطهرة قلوبهم الذين يحسون بضياء الحقيقة في قلوبهم، ويدركون بعقولهم الباحثة عن الحق دلائل الصدق في أقوال الأنبياء (عليهم السلام) وأعمالهم.
الإشكال الثالث: الذي أوردوه على نوح (عليه السلام) أنهم قالوا: بالإضافة إلى أنك إنسان ولست ملكا، وأن الذين آمنوا بك والتفوا حولك هم من الأراذل، فإننا لا نرى لكم علينا فضلا وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين.
والآيات التي تعقبها تبين رد نوح (عليه السلام) واجاباته المنطقية على هؤلاء حيث تقول: قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم.