إلا أن هذه التوبة والإيمان والرجوع إلى الله، الذي تم في الوقت المناسب وعن وعي مقترن بالإخلاص قد أثر أثره، وارتفعت علامات العذاب وعادت المياه إلى مجاريها. ولما رجع يونس إلى قومه بعد احداث ووقائع كثيرة وقعت له قبلوه بأرواحهم وقلوبهم.
وسنبين تفصيل حياة يونس نفسه في ذيل الآيات (134 - 148) من سورة الصافات، إن شاء الله تعالى.
والجدير بالذكر، إن قوم يونس لم يستحقوا العذاب الإلهي، الحتمي، وإلا لم تقبل توبتهم، بل كانت تأتيهم الإنذارات والتحذيرات التي تظهر عادة قبل العذاب النهائي، وقد كان مقدارها كافيا للتوعية، في حين أن الفراعنة مثلا كانوا قد رأوا هذه الإنذارات مرارا - كحادثة الطوفان والجراد واختلاف ماء النيل الشديد وأمثالها - إلا أنهم لم يعبؤوا بها مطلقا ولم يأخذوها بمنظار جدي. واكتفوا بالطلب من موسى أن يدعوا الله ليرفع عنهم هذه الابتلاءات ليؤمنوا، لكنهم لم يؤمنوا مطلقا.
ثم إن القصة أعلاه تبين بصورة ضمنية مدى تأثير القائد الواعي الرشيد الحريص في القوم أو الأمة، في حين أن العابد الذي لا يمتلك الوعي الكافي يعتمد على الخشونة أكثر، وهكذا يفهم من هذه الرواية منطق الإسلام في المقارنة بين العبادة الجاهلة. والعلم الممتزج بالإحساس بالمسؤولية.
* * *