ولم ينقل التاريخ البشري عنها إلا أساطير لا يطمأن إلى صحتها. والتعبير الوارد في القرآن " عادا الأولى " إشارة إلى هذه القبيلة.
ولكن في زمن التاريخ - ومن المحتمل أن يكون في حدود 700 سنة قبل ميلاد المسيح - وجد قوم آخرون باسم " عاد " قطنوا الأحقاف أو اليمن أيضا. وكان أولئك طوالا جساما أقوياء مقتدرين، ولذلك كانوا يعدون من مثيري الحروب.
كما أنهم كانوا من الناحية الحضارية متمدنين، إذ كانت لهم مدن عامرة وأراضي خصبة خضراء وغابات نضرة، كما وصفوا في القرآن... التي لم يخلق مثلها في البلاد.
ولذلك يقول بعض المؤرخين " المستشرقين ": إن " عادا " كانت تقطن في حدود " برهوت " إحدى نواحي حضر موت اليمن، وعلى أثر البراكين وجبال النار التي حولها دمرت الكثير من قراهم ومدنهم وتفرقت بقاياهم.
على كل حال فإن هؤلاء القوم كانوا يعيشون في نعم وترف، ولكن كما هي طريقة أغلب المتنعمين الغافلين والسكارى من أثر النعمة استغلوا قدرتهم لظلم الآخرين واستثمارهم واستعمارهم.. واتبعوا أمر كل جبار عنيد، وأقروا عبادة الأوثان.
وحين دعاهم نبيهم هود (عليه السلام) بكل ما أوتي من جهد وجد ليضئ أفكارهم بنصحه ومواعظه، ويتم الحجة عليهم، لم يكتفوا باهمال هذه الدعوة فحسب، بل نهضوا لإسكات هذا الصوت النير لهذا النبي العظيم فمرة نسبوه إلى السفاهة والجنون، ومرة هددوه بغضب آلهتهم، ولكنه وقف صامدا أمامهم كالجبل لا يخشى غضب هؤلاء القوم المغرورين الأقوياء، حتى استطاع أن يكتسب منهم جماعة تقدر بأربعة آلاف وطهر قلوبهم ودعاهم إلى منهاجه وعقيدته، لكن بقي الآخرون مصرين على عنادهم ولجاجتهم.