عذاب أليم.
" يلمزون " مأخوذة من مادة (لمز) بمعنى تتبع العيوب والعثرات، و " المطوعين " مأخوذة من مادة (طوع) على وزن (موج) بمعنى الطاعة، لكن هذه الكلمة تطلق عادة على الأفراد الذين دأبهم عمل الخيرات، وهم يعملون بالمستحبات علاوة على الواجبات.
ويستفاد من الآية أعلاه أن المنافقين كانوا يعيبون جماعة، ويسخرون من الأخرى، ومن المعلوم أن السخرية كانت تنال الذين يقدمون الشئ القليل، والذين لا يجدون غيره ليبذلوه في سبيل الإسلام، وعلى هذا لابد أن يكون لمزهم وطعنهم مرتبطا بأولئك الذين قدموا الأموال الطائلة في سبيل خدمة الإسلام العزيز، فكانوا يرمون الأغنياء بالرياء، ويسخرون من الفقراء لقلة ما يقدمونه.
ونلاحظ في الآية التي تليها تأكيدا أشد على مجازاة هؤلاء المنافقين، وتذكر آخر تهديد بتوجيه الكلام وتحويله من الغيبة إلى الخطاب، والمخاطب هذه المرة هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم.
وإنما لن يغفر الله لهم لأنهم قد أنكروا الله ورسالة رسوله، واختاروا طريق الكفر، وهذا الاختيار هو الذي أرداهم في هاوية النفاق وعواقبه المشؤومة ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله. ومن الواضح أن هداية الله تشمل السائرون في طريق الحق وطلب الحقيقة، أما الفساق والمجرمون والمنافقون فإن الآية تقول: والله لا يهدي القوم الفاسقين.
* * *