عن طريق غير طبيعي، بل عن طريق التعليم الإلهي.
ثانيا: إن آخر الآية يقول: فينبئكم بما كنتم تعملون ولا شك أن هذه الجملة تشمل كل أعمال البشر - العلنية منها والمخفية - وظاهر تعبير الآية أن المقصود من العمل الوارد في أولها وآخرها واحد، وعلى هذا فإن أول الآية يشمل أيضا كل الأعمال - الظاهرة منها والباطنة - ولا شك أن الوقوف عليها كاملا لا يمكن بالطرق المعروفة الطبيعية.
وبتعبير آخر، فإن نهاية الآية تتحدث عن جزاء جميع الأعمال، وكذلك تبحث بداية الآية علم الله ورسوله والمؤمنين بكل الأعمال، فهنا مرحلتان: إحداهما:
مرحلة الاطلاع والعلم، والأخرى: مرحلة الجزاء، والموضوع واحد في المرحلتين.
ثالثا: إن ضميمة المؤمنين في الآية إلى الله ورسوله يصح في صورة يكون المقصود فيها كل الأعمال وبطرق غير الطبيعية، وإلا فإن الأعمال العلنية يراها المؤمنون وغير المؤمنين على السواء، ومن هنا تتضح مسألة أخرى بصورة ضمنية، وهي أن المقصود من المؤمنين في الآية - كما ورد في الروايات الكثيرة أيضا - ليس جميع المؤمنين، بل فئة خاصة منهم، وهم الذين يطلعون على الأسرار الغيبية بإذن الله تعالى، ونعني بهم خلفاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الحقيقيين.
والمسألة الأخرى التي يجب الانتباه لها هنا، وهي - كما أشرنا سابقا - أن مسألة عرض الأعمال لها أثر عظيم على المعتقدين بها، فإني إذا علمت أن الله الموجود في كل مكان معي، وبالإضافة إلى ذلك فإن نبيي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمتي (عليهم السلام) يطلعون على كل أعمالي، الحسنة والسيئة في يوم كل يوم، أو في كل أسبوع، فلا شك أني سأكون أكثر مراقبة ورعاية لما يبدر مني من أعمال، وأحاول تجنب السيئة منها ما أمكن، تماما كما لو علم العاملون في مؤسسة ما بأن تقريرا يوميا أو أسبوعيا، تسجل فيه جزئيات أعمالهم، يرفع إلى المسؤولين ليطلعوا على دقائق أعمالهم.