الرحمة لا تظهر إلا في الأراضي المستعدة، وعلى هذا فإنه يصح قولنا: إن جميع قطرات المطر رحمة، كما يصح قولنا: إن هذه القطرات أساس الرحمة في الأراضي التي لها القابلية والاستعداد لتقبل هذه الرحمة، فالجملة الأولى إشارة إلى مرحلة (الاقتضاء والقابلية)، والجملة الثانية إشارة إلى مرحلة (الوجود والفعل)، وعلى هذا فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أساس الرحمة لكل العالمين بالقوة، أما بالفعل فهو مختص بالمؤمنين.
بقي هنا شئ واحد، وهو أن هؤلاء الذين يؤذون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بكلامهم ويتتبعون أحواله لعلهم يجدون عيبا يشهرون به يجب أن لا يتصوروا أنهم سوف يبقون بدون جزاء وعقاب، فصحيح أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مأمور، ومن واجبه - كقائد - أن يقابل هؤلاء برحابة صدر ولا يفضحهم، لكن هذا لا يعني أنهم سوف يبقون بدون جزاء، ولهذا قال تعالى في نهاية الآية: والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم.
* * *