وإذا لم يكن أهل الدنيا يعرفون أهمية هذا الدستور الإسلامي بالأمس، فنحن نستطيع أن ندركه جيدا، لأن الأزمات الاقتصادية التي أبتلي بها البشر نتيجة احتكار الثروة من قبل جماعة " أنانية "، وظهورها على صورة حروب وثورات وسفك دماء، غير خاف على أحد أبدا.
3 حتى يعد جمع الثروة كنزا؟
هناك كلام بين المفسرين في شأن الآية - محل البحث - فهل كل جمع للمال أو ادخار له يعد كنزا، لأنه زائد على حاجة الإنسان، فهو حرام وفق مفهوم الآية...
أو أن الحكم خاص ببداية الإسلام وقبل نزول حكم الزكاة ثم ارتفع حكم الكنز بنزول حكم الزكاة...
أو أنه يجب على الإنسان دفع زكاته سنويا لا غير، فإذا دفع الإنسان زكاة سنته فلا يكون مشمولا بحكم الكنز وإن جمع المال؟
في كثير من الروايات الصادرة عن أهل البيت (عليهم السلام) وروايات أهل السنة، يلوح لنا التفسير الثالث، ففي حديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " أي مال أديت زكاته فليس بكنز ". (1) كما نقرأ في بعض الروايات أنه لما نزلت آية الكنز ثقل على المسلمين الأمر، فقالوا: ليس لنا أن ندخر شيئا لأبنائنا إذا، ثم سألوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: " إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب بها ما بقي من أموالكم، وإنما فرض المواريث من أموال تبقى بعدكم ". (2) أي أن جمع المال لو كان - بشكل عام ممنوعا - لما وجدنا لقانون الإرث موضوعا.