سبحانه، واحدة بواحدة، ف إن الله لا يضيع أجر المحسنين. وكذلك فإنهم لا يبذلون شيئا في أمر الجهاد:
ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون أرضا في ذهابهم للوصول إلى ميدان القتال، أو عند رجوعهم منه إلا ثبت كل ذلك في كتبهم:
ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم وإنما يثبت ذلك ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون.
وهنا يجب الانتباه لمسائل:
1 - إن جملة لا ينالون من عدو نيلا قد فسرها أغلب المفسرين كما ذكر أعلاه، وقالوا: إن المقصود هو أن المجاهدين في سبيل الله لا يتلقون ضربة من قبل العدو، سواء جرحوا بها أو قتلوا أو أسروا وأمثال ذلك، إلا وتسجل في صحائف أعمالهم ليجزوا عليها، ومقابل كل تعب وصعوبة ما يناسبها من الأجر، ومن الطبيعي أننا إذا لاحظنا أن الآية في مقام ذكر المصاعب وحسابها، فإن ذلك مما يناسب هذا المعنى.
إلا أننا إذا أردنا أن نفسر هذه العبارة بملاحظة ترتيب الفقرات وموقع هذه الجملة منها، وما يناسبها لغويا، فإن معنى الجملة يكون: إنهم لا ينزلون بالعدو ضربة إلا كتبت لهم، لأن معنى نال من عدوه في اللغة: ضربه، إلا أن النظر إلى مجموع الآية يرجح التفسير الأول.
2 - ذكر المفسرون تفسيرين لجملة: أحسن ما كانوا يعملون: أحدهما على أساس أن كلمة (أحسن) وصف لأفعالهم، والآخر على أنها وصف لجزائهم.
فعلى التفسير الأول وهو ما اخترناه، وهو الأوفق لظاهر الآية - فأن أعمال المجاهدين هذه قد اعتبرت وعرفت بأنها أحسن أعمالهم في حياتهم، وأن الله سبحانه سيعطيهم من الجزاء ما يناسب أعمالهم.
وعلى التفسير الثاني الذي يحتاج إلى تقدير كلمة (من) بعد كلمة (أحسن) فإنها