إلا أن القرآن الكريم في الوقت نفسه - كما هي طريقته دائما - لم يبخس حق الآخرين، وذكر كل الأقسام والفئات الأخرى الذين التحقوا في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الأعصار التالية، والذين هاجروا، أو آووا المهاجرين ونصروهم تحت عنوان التابعين بإحسان، وبشر الجميع بالأجر والجزاء الحسن.
3 2 - من هم التابعون؟
اصطلح جماعة من العلماء على أن كلمة " التابعين " تعني تلامذة الصحابة، وجعلوها من مختصاتهم، أي أولئك الذين لم يروا النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، لكنهم تصدوا لاكتساب العلوم الإسلامية ووسعوها، وبعبارة أخرى: إنهم اكتسبوا علومهم الإسلامية من صحابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ولكن مفهوم الآية - كما قلنا قبل قليل - من الناحية اللغوية وإلا ينحصر بهذه المجموعة ولا يختص بها، بل يشمل كل الفئات والمجموعات التي اتبعت برامج وأهداف الطلائع الإسلامية والسابقون إلى الإسلام في كل عصر وزمان.
وتوضيح ذلك أنه على خلاف ما يعتقده البعض من أن الهجرة والنصرة - اللتين هما من المفاهيم الإسلامية البناءة - مختصتان بعصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنهما توجدان في كل عصر - وحتى في عصرنا الحاضر - ولكن بأشكال أخرى، وعلى هذا فإن كل الأفراد الذين يسيرون في هذا المسير - مسير الهجرة والنصرة - يدخلون تحت هذين المفهومين.
إذن، المهم أن نعلم أن القرآن الكريم بذكره كلمة (إحسان) يؤكد على أن اتباع خط السابقين إلى الإسلام، والسير في طريقهم يجب أن لا يبقى في حدود الكلام والادعاء، بل وحتى مجرد الإيمان الخالي من العمل، بل يجب أن تكون هذه المتابعة أو الاتباعا اتباعا فكريا وعمليا وفي كل الجوانب.