الثبات على الإيمان والجهاد في سبيل الله، فإنهم - أي المنافقون - رغم قدرتهم الجسمية والمالية سيطلبون العذر والسماح لهم بعدم المشاركة والبقاء مع ذوي الأعذار: وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولو الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين.
كلمة " الطول " على وزن فعل - جاءت بمعنى القدرة والاستطاعة المالية، وعلى هذا فإن أولوا الطول بمعنى المستطيعين والقادرين ماليا وجسميا على الحضور في ميدان الحرب، ورغم ذلك فهم يميلون إلى التخلف مع أولئك الذين لا قدرة لديهم - ماديا أو بدنيا - على الحضور والمشاركة في الجهاد.
وأصل هذه الكلمة مأخوذ من " الطول " ضد العرض، والاشتراك وارتباط بين هذين المعنيين واضح، لأن القدرة المالية والجسمية يعطي معنى الاستمرارية والدوام وطول القدرة.
وفي الآية التي تليها وبخ القرآن هؤلاء وذمهم وقبحهم بأنهم رضوا بأن يكونوا مع الخوالف، وكما أشرنا سابقا، فإن خوالف جمع خالفة، وأصلها من (خلف)، ولذلك يقال للمرأة إذا خرج الرجل من المنزل، وبقيت في المنزل: إنها خالفة. والمقصود من الخوالف في هذه الآية كل الذين عذروا عن المشاركة في الجهاد بشكل أو آخر، أعم من أن يكونوا نساء أو مسنين أو مرضى أو صبيان.
وقد أشارت بعض الأحاديث الواردة في تفسير الآية إلى هذا الموضوع.
ثم أضافت الآية: بأن هؤلاء نتيجة لكثرة الذنوب والنفاق وصلوا إلى مرحلة وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون. وقد بحثنا في بداية سورة البقرة معنى الطبع على القلب. (1) ثم تحدثت الآية التي تليها في الجانب المقابل عن صفات وروحيات الفئة التي تقابل المنافقين، وهم المؤمنون المخلصون، وعن أعمالهم الحسنة، وبالتالي عاقبة