وهذه النظرية موجودة أيضا التاريخ الطبيعي للأرض، وهي أن محور الكرة الأرضية يتغير تدريجا، بحيث يكون القطبان الشمالي والجنوبي مكان خط الاستواء، ويحل خط الاستواء محلهما، وواضح أن الحرارة التي تكون في أعلى درجاتها تذيب الثلوج القطبية فترتفع مياه البحار حتى تستوعب كثيرا من اليابسة، ومع النفوذ في ثنايا الأرض وطياتها تحدث العيون المتفجرة، وكل ذلك يبعث على كثرة السحب والأمطار.
كما أن مسألة اختيار نوح (عليه السلام) من كل نوع من الحيوانات زوجين وحملها معه على السفينة يؤيد كون الطوفان عالميا أيضا، وإذا عرفنا أن نوحا كان يسكن الكوفة - كما تقول الروايات - وأن طرف الطوفان وحافته - طبقا للروايات الأخرى - كان في مكة وبيت الله الحرام، فهذا نفسه أيضا مؤيد " لعالمية الطوفان ".
ولكن مع هذه الحال، فلا يبعد أن يكون الطوفان في منطقة معينة من الأرض، لأن إطلاق الأرض على المنطقة الواسعة من العالم تكرر في عدد من آيات القرآن، كما نقرأ في قصة بني إسرائيل وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها (1).
وحمل الحيوانات في السفينة ربما كان لئلا ينقطع نسلها في ذلك القسم من الأرض، خصوصا أن نقل الحيوانات وانتقالها في ذلك اليوم لم يكن أمرا هينا " فتدبر "!
وهناك قرائن أخرى تقدم ذكرها يمكن أن يستفاد منها أن الطوفان لم يستوعب الكرة الأرضية كلها.
وهناك مسألة تسترعي الانتباه - أيضا - وهي أن طوفان نوح كان بمثابة العقاب لقومه، وليس لنا دليل على أن دعوة نوح شملت الأرض كلها، وعادة فإن وصول دعوة نوح في مثل زمانه إلى جميع نقاط الأرض أمر بعيد.. ولكن على كل حال