النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقسما بالله - في المسجد عند المنبر - أنهما لا يكذبان، فاقتربا من المنبر في المسجد وأقسما، إلا أن عامرا دعا بعد القسم وقال: اللهم أنزل على نبيك آية تعرف الصادق، فأمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمون على دعائه. فنزل جبرئيل بهذه الآية، فلما بلغ قوله تعالى: فإن يتوبوا يك خيرا لهم قال جلاس: يا رسول الله، إن الله اقترح علي التوبة، وإني قد ندمت على ما كان مني، وأتوب منه، فقبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) توبته.
وكما أشرنا سابقا فقد ذكر أن جماعة من المنافقين صمموا على قتل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في طريق عودته من غزوة تبوك، فلما وصل إلى العقبة نفروا بعيره ليسقط في الوادي، إلا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أطلع بنور الوحي على هذه النية الخبيثة، فرد كيدهم في نحورهم وأبطل مكرهم. وكان زمام الناقة بيد عمار يقودها، وكان حذيفة يسوقها لتكون الناقة في مأمن تام، وأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المسلمين أن يسلكوا طريقا آخر حتى لا يخفي المنافقون أنفسهم بين المسلمين وينفذوا خطتهم.
ولما وصل إلى سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقع أقدام هؤلاء أو حوافر خيولهم أمر بعض أصحابه أن يدفعوهم ويبعدوهم، وكان عدد هؤلاء المنافقين اثني عشر أو خمسة عشر رجلا، وكان بعضهم قد أخفى وجهه، فلما رأوا أن الوضع لا يساعدهم على تنفيذ ما اتفقوا تواروا عن الأنظار، إلا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عرفهم وذكر أسماءهم واحدا واحدا لبعض أصحابه (1).
لكن الآية - كما سنرى - تشير إلى خطتين وبرنامجين للمنافقين: إحداهما:
أقوال هؤلاء السيئة. والأخرى: المؤامرة والخطة التي أحبطت، وعلى هذا الأساس فإنا نعتقد أن كلا سببي النزول صحيحان معا.