أو الجهل بالدروس والعبر التي هي الهدف النهائي من ذكر تاريخ الماضين.
إن مجموع هذه الجهالات والضلالات كانت تحملهم على الإنكار والتكذيب، في حين أن تأويل وتفسير وتحقق المسائل المجهولة بالنسبة لهؤلاء لم يبين بعد ولما يأتهم تأويله.
" التأويل " في أصل اللغة بمعنى إرجاع الشئ وعلى هذا فإن كل عمل أو قول يصل إلى هدفه النهائي نقول عنه: إن تأويله قد حان وقته، ولهذا يطلق على بيان الهدف الأصلي من إقدام معين، أو التفسير الواقعي لكلمة ما، أو تفسير وإعطاء نتيجة الرؤيا، أو تحقق فرضية في ارض الواقع، اسم التأويل. وقد تحدثنا بصورة مفصلة حول هذا الموضوع في المجلد الثاني ذيل الآية (7) من سورة آل عمران.
ثم يضيف القرآن مبينا أن هذا المنهج الزائف لا ينحصر بمشركي عصر الجاهلية، بل إن الأقوام السابقين كانوا مبتلين أيضا بهذه المسألة، فإنهم كانوا يكذبون الحقائق وينكرونها دون السعي لمعرفة الواقع، أو انتظار تحققه: كذلك كذب الذين من قبلهم. وقد مرت الإشارة أيضا في الآيات (113) و (118) من سورة البقرة إلى وضع الأمم السابقة من هذه الناحية.
الواقع، إن عذر هؤلاء جميعا كان جهلهم ورغبتهم عن التحقيق والبحث في الحقائق الواقعية، في حين أن العقل والمنطق يحكمان بأنه لا ينبغي للانسان انكار ما يجهله مطلقا، بل يبدأ بالبحث والتحقيق.
وفي النهاية وجهت الآية الخطاب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقالت: فانظر كيف كان عاقبة الظالمين أي إن هؤلاء سيلاقون أيضا نفس المصير.
وأشارت الآية الأخيرة من آيات البحث إلى فئتين عظيمتين من المشركين، فتقول: إن هؤلاء لا يبقون جميعا على هذا الحال، بل إن جماعة منهم لم تخمد فيهم روح البحث عن الحق وطلبه وسيؤمنون بالقرآن في النهاية. في حين أن الفئة الأخرى ستبقى في عنادها وإصرارها وجهلها، وسوف لا تؤمن أبدا: ومنهم