3 3 - القرآن وظهور المهدي إن الآية - محل البحث - عينها وبالألفاظ ذاتها، وردت في سورة الصف، كما وردت في أخريات سورة الفتح باختلاف يسير.
والآية تخبر عن حدث مهم كبير استدعت أهميته هذه أن تتكرر الآية في القرآن، وهذا الحدث الذي أخبرت عنه الآية هو استيعاب الإسلام للعالم بأسره.
وبالرغم من أن بعض المفسرين فسر الانتصار - في الآية محل البحث - انتصارا في منطقة معينة ومحدودة، وقد حدث ذلك فعلا في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو ما بعده من العصور للإسلام والمسلمين، إلا أنه مع ملاحظة أن الآية مطلقة لا قيد فيها لا شرط، فلا دليل على تحديد المعنى، فمفهوم الآية انتصار الإسلام كليا - ومن جميع الجهات - على جميع الأديان، ومعنى هذا الكلام أن الإسلام سيهيمن على الكرة الأرضية عامة، وسينتصر على جميع العالم.
ولا شك أن هذا الأمر لم يتحقق في الوقت الحاضر، لكننا ندري أن هذا وعد من قبل الله حتمي وأنه سيتحقق تدريجا، فسرعة انتشار الإسلام وتقدمه في العالم، والاعتراف الرسمي به من قبل الدول الأوروبية المختلفة ونفوذه السريع في أفريقيا وأمريكا، وإعلان كثير من العلماء والمفكرين اعتناقهم الإسلام، كل ذلك يشير إلى أن الإسلام أخذ باستيعاب العالم.
إلا أنه طبقا للروايات المختلفة الواردة في المصادر الإسلامية، فإن هذا الموضوع إنما يتحقق عند ظهور المهدي (عليه السلام) فيجعل الإسلام عالميا.
ينقل العلامة الشيخ الطبرسي في تفسيره (مجمع البيان) الآية محل البحث عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: " إن ذلك يكون عند خروج المهدي، فلا يبقى أحد إلا أقر بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ".
كما ورد في التفسير ذاته عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا بر إلا أدخله الله كلمة الإسلام ".