وتعاسة الحظ.
وفي نهاية الآية يبين الله تعالى أن هذه العاقبة التي تنتظرهم هي جزاء بما كانوا يكسبون.
مما قلناه يتضح أن المقصود هو: إن هذه الجماعة يجب أن يضحكوا قليلا في هذه الدنيا ويبكوا كثيرا، لأنهم لو اطلعوا على ما ينتظرهم من العذاب الأليم لبكوا كثيرا ولضحكوا قليلا بالفعل.
إلا أن بعض المفسرين يذكر رأيا آخر في تفسير هذه الآية، وهو أنهم مهما ضحكوا فإن ضحكهم قليل لقصر عمر الدنيا، وسيبكون في الآخرة بكاء بحيث أن كل بكاء الدنيا لا يعادل شيئا من ذلك البكاء.
غير أن التفسير الأول أنسب وأوفق لظاهر الآية، وللتعبيرات المشابهة لها سواء وردت في الأقوال أم الكتابات، خاصة إذا علمنا أن اللازم من التفسير الثاني أن يكون معنى الأمر في الآية هو الإخبار لا الأمر، وهذا خلاف الظاهر.
ويشهد للمعنى الأول الحديث المعروف عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، والذي ذكره كثير من المفسرين، حيث قال: " لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ". (فتأمل جيدا).
وفي آخر آية - من الآيات محل البحث - إشارة إلى طريقة أخرى دقيقة وخطرة من طرق المنافقين، وهي أنهم حينما يفعلون ما يخالف القانون الإسلامي، فإنهم يظهرون أعمالا يحاولون بها جبران ما صدر منهم، ومحاولة تبرئة ساحتهم مما يستحقون من العقوبة، وبهذه الأعمال المناقضة لأعمالهم المخالفة للقانون فإنهم يخفون وجوههم الحقيقة، أو يسعون إلى ذلك.
إن الآية الكريمة تقول: فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا أي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يجب أن يزرع اليأس في نفوس هؤلاء، ويعلمهم أن هذا التلون سوف لا ينطلي على أحد،