3 أبو ذر والاشتراكية!!
من المؤاخذات على الخليفة الثالث مسألة إبعاد أبي ذر (رضي الله عنه) المصحوب بالقسوة والخشونة إلى الربذة، تلك المنطقة التي كان يبغضها أبو ذر والتي كانت غير صالحة من حيث الماء والهواء، حتى إنتهى الأمر إلى موت هذا الصحابي الجليل والمجاهد المضحي في سبيل الإسلام، وهو الذي قال فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر ".
ونعرف أن الاختلاف بين أبي ذر وعثمان لم يكن لأن أبا ذر كان يتمنى المال أو المقام، بل على العكس فقد كان أبو ذر زاهدا عابدا ورعا من جميع الوجوه، بل منشأ الخلاف وأساسه، هو أن عثمان فرق مال بيت مال المسلمين على ذوي قرباه وأصحابه وأنفقه بلا حساب.
وكان أبو ذر (رضي الله عنه) متشددا في الأمور المالية، ولا سيما ما كان منها متعلقا ببيت مال المسلمين، وكان يرغب في أن يسير جميع المسلمين على سنة النبي في هذا المجال، والتصرف بالمال، لكننا نعرف أن الأمور أخذت طابعا آخر في عصر الخليفة الثالث عثمان.
وعلى كل حال، فإن أبا ذر (رضي الله عنه) لما واجه الخليفة الثالث بشدة، وعنفه في إنفاق المال، أرسله عثمان إلى الشام بادئ الأمر، فواجه أبو ذر معاوية هناك بصورة أشد نقدا وأكثر صراحة، حتى أن ابن عباس قال: لقد برم معاوية من كلام أبي ذر وكتب إلى عثمان: إنه إن كانت لك حاجة في الشام فخذ أبا ذر، فإنه إن بقي فيها فسوف يصرف أهلها عنك.
فكتب عثمان كتابا وأحضر أبا ذر إلى المدينة، وكما يقول بعض المؤرخين:
كتب عثمان إلى معاوية، أن ابعث أبا ذر في جماعة من شرطتك ولا ترفه عليه، وليجدوا به السير ليل نهار، ولا يدعوه يستريح لحظة، حتى أن أبا ذر لما وصل المدينة مرض هناك ولما لم يكن وجوده في المدينة هينا على عثمان وأتباعه، فقد