فالبعض احتمل أن يكون المراد منها المعبودات الإنسانية والشيطانية، أو من الملائكة التي لها عقل وشعور وإدراك، إلا أنهم رغم ذلك لا يعلمون بأن فئة تعبدهم، أما لأنهم يعبدونهم حال غيابهم، أو بعد موتهم، وعلى هذا فإن تكلم هؤلاء سيكون أمرا طبيعيا جدا، وهذه الآية نظيرة الآية (41) من سورة سبأ، التي تقول: ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون.
والاحتمال الآخر الذي ذكره كثير من المفسرين، هو أن الله سبحانه يبعث الحياة والشعور في الأصنام في ذلك اليوم بحيث تستطيع إعادة الحقائق وذكرها، والجملة أعلاه للأصنام التي دعاها الله سبحانه للشهادة، وأنهم كانوا غافلين عن عبادة من يعبدهم، وبذلك تكون أكثر تناسبا مع هذا المعنى، لأن الأصنام الحجرية والخشبية لا تفهم شيئا أصلا.
ويمكن أن نحتمل في تفسير هذه الآية أنها تشمل كل المعبودات، غاية ما في الأمر أن المعبودات التي لها عقل وشعور تعيد الحقائق وتذكرها بلسانها، أما المعبودات التي لا عقل لها ولا شعور فإن الكلام عن لسان حالها، وتتحدث عن طريق انعكاس آثار العمل، تماما كما نقول: إن سيماءك تخبر عن سرك، والقرآن الكريم يبين أيضا في الآية (21) من من سورة فصلت أن جلود الإنسان ستنطق يوم القيامة، وكذلك في سورة الزلزلة يبين أن الأرض التي كان يسكنها الإنسان ستذكر الحقائق.
إن هذه المسألة ليست صعبة التصور في زماننا الحاضر، فإذا كان شريط أصم يسجل كل كلامنا ويعيده عند الحاجة، فلا عجب أن تعكس الأصنام أيضا واقع أعمال عابديها!.
على كل حال، ففي ذلك اليوم وذلك المكان وذلك الحال - كما يتحدث القرآن في آخر آية من آيات البحث - فإن كل إنسان سيختبر كل أعماله التي عملها سابقا ويرى نتيجتها، بل نفس أعماله، سواء العابدون والمعبودون المضلون الذين كانوا