القرابة والقرب من شئ آخر سواء كان من جهة المكان أو الزمان أو النسب أو المقام، بأنه ولي، ومن هنا استعملت هذه الكلمة بمعنى الرئيس والصديق وأمثال ذلك.
بناء على هذا، فإن أولياء الله هم الذين لا يوجد حاجب وحائل بينهم وبين الله، فقد زالت الحجب عن قلوبهم ويتقلبون في نور المعرفة والإيمان والعمل الخالص، ويرون الله بعيون قلوبهم بحيث لا يجد الشك أي طريق إلى تلك القلوب الوالهة، وبالنظر لهذه المعرفة بالله الأزلي والقدرة اللامحدودة والكمال المطلق، فإن كل شئ سوى الله حقير في نظرهم ولا قيمة له، وفان لا أهمية له.
إن من يرى المحيط يزهد في القطرة، ومن ينظر إلى نور الشمس لا يهتم بنور الشمعة.
ومن هنا يتضح أن هؤلاء لماذا لا يخافون، لأن الخوف ينشأ عادة من احتمال فقدان النعم التي يمتلكها الإنسان، أو من الأخطار التي يمكن أن تهدده في المستقبل، كما إن الغم والهم يرتبط عادة بما يتعلق بالماضي، ويستولي على الإنسان نتيجة فقدانه لإمكانيات وثروات كانت تحت يده.
إن أولياء وأحباء الله الحقيقيين متحررون من كل أشكال الارتباط والتعلق بعالم المادة، ويحكم " الزهد " بمعناه الحقيقي وجودهم، فهم لا يجزعون من فقدان الممتلكات المادية ولا يخافون من المستقبل، ولا يشغلون أفكارهم بمثل هذه المسائل. وبناء على ذلك فإن الغموم والأخاويف التي ترتبط بالماضي والمستقبل، والتي تجعل الآخرين في حال اضطراب وقلق دائم، لا سبيل لها إلى وجود هؤلاء.
إن الماء في الإناء الصغير قد يهتز من نفخة إنسان، لكن المحيط الكبير لا يتأثر حتى بالعاصفة، ولذلك سموه المحيط الهادي: لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا