وفي ختام الآية - كما هي الحال في كثير من آيات القرآن - يوجه الخطاب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويبين درسا عاما لجميع الناس، ويقول: بعد هذا كله من وجود الشاهد والبينة والمصدق بدعوتك، فلا تتردد في الطريق ذاته فلا تك في مرية منه لأنه من قبل الله سبحانه إنه الحق من ربك ولكن كثيرا من الناس ونتيجة لجهلهم وأنانيتهم لا يؤمنون ولكن أكثر الناس لا يؤمنون.
2 - التفسير الثاني لهذه الآية هو أن هدفها الأصل بيان حال المؤمنين الصادقين الذين يؤمنون بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع وجود الدلائل الواضحة والشواهد على صدق دعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وما جاء في الكتب السماوية السابقة في شأنه، فأولئك هم المؤمنون، واستنادا إلى هذه الدلائل جميعا يؤمنون به (صلى الله عليه وآله وسلم)، فعلى هذا يكون المقصود من قوله: أفمن كان على بينة من ربه جميع الذين لديهم دلائل مقنعة، حيث سارعوا إلى الإيمان بالقرآن ومن جاء به، وليس المقصود بكلمة " من " في الآية هو النبي.
والذي يرجع هذا التفسير على التفسير السابق هو وجود الخبر في الآية صريحا وليس محذوفا، والمشار إليه " أولئك " مذكور في الآية نفسها، والقسم الأول من الآية يبدأ بقوله: أفمن كان على بينة من ربه إلى قوله: أولئك يؤمنون به ويشكل جملة كاملة من دون أي حذف وتقدير.. ولكن من دون شك فإن التعبيرات الأخرى في هذه الآية لا تنسجم مع هذا التفسير كثيرا، ولهذا جعلنا هذا التفسير في المرحلة الثانية " فتأمل "!
وعلى كل حال، فالآية تشير إلى امتيازات الإسلام والمسلمين الصادقين واستنادهم إلى الدلائل المحكمة في اختيار مذهبهم هذا.. وفي قبال ذلك تذكر ما بصير إليه المنكرون والمستكبرون من مآل مشؤوم أيضا..
* * *