ويحتمل أيضا أن الآية أعلاه تطرح بحثا جديدا ومستقلا في صدق دعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتعلم المخالفين أنهم إن كانوا في شك من أحقيته فليسألوا أهل الكتاب عن علاماته التي نزلت في الكتب السابقة كالتوراة والإنجيل.
ونقل سبب آخر للنزول في بعض التفاسير (1) يؤيد هذا المعنى، وهو أن جمعا من كفار قريش كانوا يقولون: إن هذا القرآن لم ينزل من الله، بل إن الشيطان يلقيه على محمد!! وقد سبب هذا الكلام أن يقع عدة أشخاص في وادي الشك والتردد، فأجابهم بهذه الآية.
3 هل كان النبي شاكا؟!
يمكن أن يتراءى للنظر في البداية أن هذه الآيات تحكي عن أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان شاكا في صدق الآيات التي كانت تنزل عليه، وأن الله سبحانه قد أزال شكه عن الطريق أعلاه.
ولكن واقع الأمر أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يتلقى مسألة الوحي مع الشهود والمشاهدة - كما تحكي آيات القرآن هذا المعنى - ومعه لا يبقي أي معنى للشك في هذا المورد. إضافة إلى أن هذا الأسلوب من خطاب القريب من أجل تنبيه البعيد رائج في العرف، وهذا هو المراد من المثل المعروف: إياك أعني واسمعي يا جارة، وتأثير مثل هذا الكلام أكبر من الخطاب الصريح في كثير من الموارد.
إضافة إلى أن ذكر الجملة الشرطية لا يدل دائما على احتمال وجود الشرط، بل هو للتأكيد على مسأله ما أحيانا، أو لبيان قانون كلي عام، فنقرأ مثلا في الآية (23) من سورة الإسراء: وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف وينبغي الانتباه إلى أن المخاطب في الآية هو النبي ظاهرا، إلا أنه لما كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد أباه قبل