تقول على لسان نوح: ويا قوم لا أسألكم عليه مالا فأنا لا أطلب لقاء دعوتي مالا أو ثروة منكم، وإنما جزائي وثوابي على الله سبحانه الذي بعثني بالنبوة وأمرني بدعوة خلقه إليه إن أجري إلا على الله.
وهذا يوضح بصورة جيدة وبجلاء أنني لا أبتغي هدفا ماديا من منهجي هذا، ولا أفكر بغير الأجر المعنوي من الله سبحانه، ولا يستطيع مدع كاذب أن يتحمل الآلام والمخاطر دون أن يفكر بالربح والنفع.
وهذا معيار وميزان لمعرفة القادة الصادقين من غيرهم الذين يتحينون الفرص ويهدفون إلى تأمين المنافع المادية في كل خطوة يخطونها سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر.
ويعقب نوح (عليه السلام) بعد ذلك في رده على مقولة طرد المؤمنين به من الفقراء والشباب فيقول بصورة قاطعة: وما أنا بطارد الذين آمنوا لأنهم سيلاقون ربهم ويخاصمونني في الدار الآخرة إنهم ملاقو ربهم (1).
ثم تختتم الآية ببيان نوح لقومه بأنكم جاهلون ولكني أراكم قوما تجهلون وأي جهل وعدم معرفة أعظم من أن تضيعوا مقياس الفضيلة وتبحثون عنها في الثروة والمال الكثير والجاه والمقام الظاهري، وتزعمون أن هؤلاء المؤمنين العفاة الحفاة بعيدون عن الله وساحة قدسه!
هذا خطؤكم الكبير وعدم معرفتكم ودليل جهلكم.
ثم أنتم تتصورون - بجهلكم - أن يكون النبي من الملائكة، في حين ينبغي أن يكون قائد الناس من جنسهم ليحس بحاجاتهم ويعرف مشاكلهم وآلامهم.
وفي الآية التي بعدها يقول لهم موضحا: إنني لو طردت من حولي فمن ينصرني من عدل الله يوم القيامة وحتى في هذه الدنيا ويا قوم من ينصرني من