منهم أن يغفل عن الآخرين بل عليه أن يشد أزرهم وأن يسد الثغرة ويصلح نقطة الضعف إن وجدت ويرمم المواضع المتداعية ويدعم ما ضعف منها، لأنه لا يمكن تطبيق مثل هذا المنهج دون مساهمة جماعية نشيطة فعالة متسقة متناسقة!
فبناء على ذلك فالمنتظرون بحق عليهم أن يصلحوا حال الآخرين بالإضافة إلى اصلاح حالهم.
فهذا هو الأثر الآخر البناء، الذي يورثه الانتظار لقيام مصلح عالمي، وهذه حكمة الفضائل التي ينالها، المنتظرون بحق.
3 الحكمة الثالثة، المنتظرون بحق لا يذوبون في المحيط الفاسد:
إن الأثر المهم الآخر للانتظار هو عدم ذوبان المنتظرين في المحيط الفاسد، وعدم الانقياد وراء المغريات والتلوث بها أبدا.
وتوضيح ذلك: أنه حين يعم الفساد المجتمع، أو تكون الأغلبية الساحقة منه فاسدة، فقد يقع الإنسان النقي الطاهر في مأزق نفسي، أو بتعبير آخر: في طريق مسدود " لليأس من الإصلاحات التي يتوخاها ".
وربما يتصور " المنتظرون " أنه لا مجال للإصلاح، وأن السعي والجد من أجل البقاء على " النقاء " والطهارة وعدم التلوث، كل ذلك لا طائل تحته، أو لا جدوى منه، فهذا اليأس أو الفشل قد يجر الإنسان نحو الفساد والاصطباغ بصبغة المجتمع الفساد، فلا يستطيع المنتظرون عندئذ أن يحافظوا على أنفسهم باعتبارهم أقلية صالحة بين أكثرية طالحة، وأنهم سيفتضحون إن أصروا على مواصلة طريقهم وينكشفون لأنهم ليسوا على شاكلة الجماعة.
والشئ الوحيد الذي ينعش فيهم الأمل ويدعوهم إلى المقاومة والتجلد وعدم الذوبان والانحلال في المحيط الفاسد، هو رجاؤهم بالإصلاح النهائي، فهم في هذه الحال - فحسب - لا يسأمون عن الجد والمثابرة، بل يواصلون طريقهم في