ولن يخدع بهم أحد، والأولى لهم أن يحزموا أمتعتهم ويرحلوا من هذا المكان إلى مكان آخر، فإن أحدا سوف لا يقع في مكائدهم وحبائلهم في هذه المدينة.
وتوجد هنا مسألة ينبغي التنبيه إليها، وهي أن جملة طائفة منهم توحي أن هؤلاء المنافقين لم يكونوا بأجمعهم يمتلكون الشجاعة حتى يحضروا ويطلبوا من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) السماح لهم في الخروج إلى الجهاد، ربما لأن بعضهم كانوا مفضوحين إلى حد يخجلون معه من الحضور في مجلس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وطلب الخروج معه.
ثم تبين الآية أن سبب عدم قبول اقتراح هؤلاء وطلبهم ب إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع القاعدين.
* * * 2 ملاحظات 1 - لا شك أن هذه المجموعة من المنافقين لو كانوا قد ندموا على تخلفهم وتابوا منه، وأرادوا الجهاد في ميدان آخر من أجل غسل ذنبهم السابق، لقبل الله تعالى منهم ذلك، ولم يردهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فعلى هذا يتبين لنا أن طلبهم هذا بنفسه نوع من المراوغة والشيطنة وعمل نفاقي، أو قل: إنه كان تكتيكا من أجل إخفاء الوجه القبيح لهم، والاستمرار في أعمالهم السابقة.
2 - إن كلمة (خالف) تأتي بمعنى المتخلف، وهي إشارة إلى المتخلفين عن الحضور في ساحات القتال، سواء كان تخلفهم لعذر أو بدون عذر.
وذهب البعض قال: إن خالف بمعنى مخالف، أي اذهبوا أيها المخالفون وضموا أصواتكم إلى المنافقين لتكونوا جميعا صوتا واحدا.
وفسرها البعض بأن معناها (فاسد) لأن الخلوف بمعنى الفساد، وخالف: جاء في اللغة بمعنى فاسد.