أنهم كانوا يبذلون الأموال الطائلة من أجل الوصول إلى أغراضهم وآمالهم الشريرة الدنيئة، وربما بذلوها رياء وسمعة، لكنهم لا يقدمون على البذل على أساس الإخلاص لله سبحانه وتعالى.
الرابعة: إن كل أعمالهم وأقوالهم وسلوكهم يوضح أن هؤلاء قد نسوا الله، والوضع الذي يعيشونه يبين أن الله قد نسيهم في المقابل، وبالتالي فإنهم قد حرموا من توفيق الله وتسديده ومواهبة السنية، أي أنه سبحانه قد عاملهم معاملة المنسيين، وآثار وعلامات هذا النسيان المتقابل واضحة في كل مراحل حياتهم، وإلى هذا تشير الآية: نسوا الله فنسيهم.
وهنا نود الإشارة إلى أن نسبة النسيان إلى الله جل وعلا ليست نسبة واقعية وحقيقية - كما هو المعلوم بديهة - بل هي كناية عن معاملة لهؤلاء معاملة الناسي، أي إنه لا يشملهم برحمته وتوفيقه لأنهم نسوه في البداية، ومثل هذا التعبير متداول حتى في الحياة اليومية بين الناس، فقد نقول لشخص مثلا: إننا سوف ننساك عند إعطاء الأجرة أو الجائزة لأنك قد نسيت واجبك، وهذا تعبير يعني أننا سوف لا نعطيه أجره ومكافأته. وهذا المعنى ورد كثيرا في روايات أهل البيت (عليهم السلام) (1).
ومما ينبغي الالتفات إليه أن موضوع نسيان الله تعالى قد عطف بفاء التفريع على نسيان هؤلاء القوم، وهذا يعني أن نتيجة نسيان هؤلاء لأوامر الله تعالى وطغيانهم وعصيانهم هي حرمانهم من مواهب الله ورحمته وعنايته.
الخامسة: إن المنافقين فاسقون وخارجون من دائرة طاعة أوامر الله سبحانه وتعالى، وقالت الآية: إن المنافقين هم الفاسقون.
ونلاحظ أن هذه الصفات المشتركة متوفرة في المنافقين في كل الاعصار.
فمنافقو عصرنا الحاضر وإن تلبسوا بصور وأشكال جديدة، إلا أنهم يتحدون في الصفات والأصول المذكورة أعلاه مع منافقي العصور الغابرة، فإنهم كسابقيهم