5 - إن الآيات - المذكورة - توكد إعجاز القرآن مرة أخرى وتقول: ليس هذا كلاما عاديا يترشح من الفكر البشري، بل هو وحي السماء الذي ينزل بعلم الله اللامحدود وقدرته الواسعة، وعلى هذا فإنه يتحدى جميع البشر أن يواجهوه بمثله - مع ملاحظة أن المخالفين من معاصري النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن بعدهم إلى يومنا هذا عجزوا عن ذلك، وفضلوا مواجهة الكثير من المشاكل على معارضة القرآن، وهكذا يتضح أن مثل هذا العمل لم يكن من صنع البشر ولا يكون، فهل المعجزة شئ غير هذا؟!
هذا نداء القرآن ما زال في أسماعنا، وهذه المعجزة الخالدة تدعو العالمين إليها وتتحدى جميع المحافل البشرية، لا من حيث الفصاحة والبلاغة وجمال العبارات وجاذبيتها ووضوح المفاهيم فحسب. بل من حيث المحتوى والعلوم التي فيه والتي لم تكن موجودة في ذلك الزمان، والقوانين التي تتكفل بسعادة البشرية ونجاتها، والبيان الخالي من التناقض، والقصص التاريخية الخالية من الخرافات، وأمثالها. وقد بينا ذلك وشرحناه في تفسير الآيتين (23 و 24) من سورة البقرة في إعجاز القرآن.
3 جميع القرآن أو عشر سور منه أو سورة واحدة!
6 - نحن نعلم أن القرآن دعا في بعض آياته المنكرين لنبوة محمد والمخالفين له إلى الإتيان بمثل القرآن، كما في سورة الإسراء الآية (88). وفي مكان آخر إلى الإتيان بعشر سور، كما هو في الآيات التي بين أيدينا - محل البحث - وفي مكان آخر دعا المخالفين إلى سورة مثل سور القرآن، كما في سورة البقرة الآية (23).
ولهذا السبب بحث جماعة من المفسرين هذا " السر " في التفاوت في التحدي والدعوة إلى المواجهة، فما هو؟! ولم في مكان من القرآن يطلب الإتيان بمثله.
وفي مكان بعشر سور، وفي مكان يطلب الإتيان بسورة واحدة؟! وقد اتبعوا طرقا