2 ملاحظتان 3 1 - هل أن القلب هو مركز الإحساسات؟
ظاهر الآية الأولى من هذه الآيات، كما هو ظاهر بعض آيات أخرى من القرآن، أن مركز الأمراض الأخلاقية هو القلب.
إن هذا الكلام يمكن أن يعارضه في البداية هذا الإشكال، وهو أننا نعلم أن كل الأوصاف الأخلاقية والمسائل الفكرية والعاطفية ترجع إلى روح الإنسان، وليس القلب إلا مضخة أوتوماتيكية لنقل الدم وتغذية خلايا البدن.
هذا حق طبعا، فإن القلب له وظيفة إدارة جسم الإنسان، والمسائل النفسية مرتبطة بروح الإنسان، لكن توجد هنا نكتة دقيقة إذا ما لوحظت سيتضح رمز هذا التعبير القرآني، وهي أن في جسم الإنسان مركزين كل منهما مظهر لبعض الأعمال النفسية للإنسان، أي أن كلا من هذين المركزين إذا تأثر بالانفعالات النفسية فإنه سيظهر رد الفعل مباشرة: أحدهما المخ، والآخر القلب.
عندما نبحث المسائل الفكرية في محيط الروح، فإن انعكاس ذلك التفكير سيتضح فورا في المخ، وبتعبير آخر فإن المخ آلة تساعد الروح في مسألة التفكر، ولذلك فإن الدم يدور بصورة أسرع في المخ في حالة التفكير، وتتفاعل خلايا المخ بصورة أكبر، وبالتالي سوف تمتص كمية أكبر من الغذاء وترسل أمواجا أكثر.
أما عندما يكون الكلام والبحث حول المسائل العاطفية كالعشق والمحبة، والتصميم والإرادة والغضب والحقد والحسد، والعفو والصفح، فإن نشاطا عجيبا يبدأ في قلب الإنسان، فأحيانا تشتد ضرباته، وأحيانا تقل إلى الحد الذي يظن معه أنه سيتوقف عن العمل، ونشعر أحيانا أن قلبنا يريد أن ينفجر. كل ذلك نتيجة للارتباط الوثيق للقلب مع هذه المسائل.
لهذه الجهة ينسب القرآن المجيد الإيمان إلى القلب، فيقول: ولما يدخل