ومن الطبيعي أن هذه اللذائذ المادية لا يمكن مقارنتها باللذائذ المعنوية، ولا يمكن أن تصل إلى مصافها.
من هنا يتضح التصور الخاطئ لمن يقول بأن القرآن الكريم عندما يتحدث عن الجزاء والعطاء الإلهي الذي سيناله المؤمنون الصالحون يؤكد على النعم المادية، ولا يتطرق إلى النواحي المعنوية، لأن الجملة أعلاه - أي: رضوان من الله أكبر - ذكرت أن رضوان الله أكبر من كل النعم، خاصة وأنها وردت بصيغة النكرة، وهي تدل على أن قسما من رضوان الله أفضل من كل النعم المادية الموجودة في الجنة، وهذا يبين القيمة السامية لهذا العطاء المعنوي.
إن الدليل على أفضلية الجزاء المعنوي واضح أيضا، لأن الروح في الواقع بمثابة (الجوهر) والجسم بمكان (الصدف)، فالروح كالآمر والقائد، والجسم كالجندي المطيع والمنفذ، فالتكامل الروحي هو الهدف، والجسم وسيلة ولهذا السبب فإن إشعاعات الروح وآفاقها أوسع من الجسم واللذائذ الروحية لا يمكن قياسها ومقارنتها باللذائذ المادية والجسمية، كما أن الآلام الروحية أشد ألما من الآلام الجسمية.
وفي نهاية أشارت الآية إلى جميع هذه النعم المادية والمعنوية، وعبرت عنها بأن ذلك هو الفوز العظيم.
* * *