الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٦ - الصفحة ١٥٤
فنزلت الآية ونهت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن تكرار هذا الفعل.
في الوقت الذي يفهم من روايات أخرى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان قد صمم أن يصلي عليه، فنزل جبرئيل وتلا هذه الآية، ومنعه من هذا العمل.
وتقول عدة روايات أخرى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يصل عليه، ولم يكن عزم على هذا العمل، غاية ما في الأمر أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أرسل قميصه ليكفن به لترغيب قبيلة عبد الله بن أبي في الإسلام، ولما سئل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن سبب فعله هذا أجاب (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن قميصه سوف لن ينجيه من العذاب، لكنه يأمل أن يسلم الكثير بسبب هذا العمل، وبالفعل قد حدث هذا، فإن الكثير من قبيلة الخزرج قد أسلموا بعد هذه الحادثة.
وبالنظر إلى اختلاف هذه الروايات اختلافا كثير،، فإنا قد صرفنا النظر عن ذكرها كسب للنزول، خصوصا على قول بعض المفسرين الكبار بأن وفاة عبد الله بن أبي كانت سنة (9) هجرية، أما هذه الآيات فقد نزلت في حدود السنة الثامنة. (1) غير أن الذي لا يمكن إنكاره، أن الظاهر من أسلوب الآية ونبرتها أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يصلي على المنافقين، وكان يقف على قبورهم قبل نزول هذه الآيات، لأن هؤلاء كانوا مسلمين ظاهرا (2)، لكنه امتنع من هذه الأعمال بعد نزول هذه الآية.
2 - وكذلك يستفاد من الآية المذكورة جواز الوقوف على قبور المؤمنين

(١) راجع الميزان، ج ٩، ص ٣٦٧.
(٢) يستفاد من مجموعة من الروايات أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يصلي على المنافقين بعد نزول هذه الآية أيضا، إلا أنه يكبر أربعا لا أكثر، أي أنه كان يصرف النظر عن التكبير الخامس الذي هو دعاء للميت. إن هذه الرواية يمكن قبولها فيما لو كان معنى الصلاة هنا الدعاء، و (لا تصل) في الآية هو (لا تدع)، أما لو كان المراد (لا تصل) فإن هذه الرواية تخالف ظاهر القرآن، ولا يمكن قبولها. ولا يمكن إنكار أن جملة (لا تصل) ظاهرة بالمعنى الثاني، ولذلك فإننا لا نستطيع - من وجهة نظر الحكم الإسلامي - أن نصلي على المنافقين الذين اشتهر نفاقهم بين الناس، وأن نرفع اليد عن ظهور الآية لرواية مبهمة.
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست