2 بحوث وهنا ملاحظات تسترعي الانتباه:
3 1 - التجمعات الكبيرة يبدو بوضوح - من الآيات المذكورة - مدى الأهمية التي يوليها الإسلام للمجتمعات الكبيرة، والأماكن المزدحمة بالسكان، والجميل في الأمر أن الإسلام قد نهض وبزغ نوره من محيط متخلف، محيط لا تشم منه رائحة التمدن والتطور، إلا أنه في الوقت نفسه يهتم اهتماما خاصا بالعوامل البناءة التي تنهض بالمجتمع، وتحلق به في أجواء التطور والرقي، فنراه يقرر أن هؤلاء الذين يعيشون في مناطق نائية عن المدينة أكثر تخلفا من أهل المدن، لأنهم لا يملكون الوسائل الكافية للتعليم والتربية فتخلفوا، ولهذا نقرأ في نهج البلاغة قول أمير المؤمنين (عليه السلام):
" الزموا السواد الأعظم، فإن يد الله مع الجماعة " (1).
إلا أن هذا الكلام لا يعني أن يتجه كل الناس إلى المدن، ويتركوا القرى - التي هي أساس عمران المدن - تعبث بها يد الخراب، بل يجب السعي في إيصال علم وتقدم المدينة إلى القرية، وتقوية أسس التربية والتعليم وأصول الدين والوعي ونشرها بين صفوف القرويين.
ولا شك أن سكان القرى إذا تركوا على حالتهم ولم تفتح عليهم نافذة من العلوم المدنية وآيات الكتب السماوية، وتعليمات وتوجيهات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والهداة الكرام، فسيحل بهم الكفر والنفاق سريعا ويأخذ منهم مأخذا عظيما. إن هؤلاء لهم استعداد أكبر لقبول التربية السليمة والتعليم الصحيح لصفاء قلوبهم، وبساطة أفكارهم، وقلة انتشار المكر والمراوغة التي تعم المدن بينهم.