حتى عاشر محرم) وطافت السفينة نقاطا متعددة من الأرض، وطبقا لما جاء في بعض الروايات أنها سارت على أرض مكة وحول الكعبة.
وأخيرا صدر الأمر الإلهي بانتهاء العقاب وأن ترجع الأرض إلى حالتها الطبيعية، والآية - محل البحث - تبين هذا الأمر وجزئياته ونتيجته في عبارات وجيزة جدا، وفي الوقت ذاته بليغة وأخاذة، وقد جاءت الآية في جمل ست:
1 - وقيل يا أرض ابلعي ماءك صدر الأمر للأرض أن تبلع الماء.
2 - ويا سماء اقلعي وصدر الأمر للسماء أن لا تمطري.
3 - وغيض الماء ونزل الماء في جوف الأرض.
4 - وقضي الأمر انتهى حكم الله.
5 - واستوت على الجودي واستقرت السفينة على طرف جبل الجودي.
6 - وقيل بعدا للقوم الظالمين عندئذ لعن المجرمون بالدعاء عليهم أن يبتعدوا من رحمة الله.
كم هي رائعة هذه التعابير التي وردت في الآية المتقدمة، وهي في الوقت ذاته وجيزة وتفور بالحياة والجمال الاخاذ بحيث قال فيها طائفة من علماء العرب: إن هذه الآية تعد أفصح آيات القرآن وأبلغها وإن كانت آياته جميعا في غاية البلاغة والفصاحة.
الشاهد على هذا الكلام هو أننا نقرا في روايات التاريخ الإسلامي أن جماعة من كفار قريش نهضوا لمواجهة القرآن وليأتوا بمثل آياته، فهيأ مريدوهم الطعام والشراب لهم لفترة أربعين يوما، مثل لب الحنطة الخالص والخمر المعتق ولحم الغنم - لينسجوا براحة البال على منوال آيات القرآن شبيها لها، ولكنهم حين بلغوا هذه الآية - محل البعث - هزتهم بحيث نظر بعضهم إلى بعض وقال كل للآخر: هذا كلام لا يشبهه كلام آخر، وهو أساسا لا يشبه كلام المخلوقين، قالوا ذلك وانصرفوا