معصوم في كل وقت، إلا أننا نرى أن هذا المعصوم هو جميع الأمة، لا أنه فرد واحد! وبتعبير آخر: إن هذه الآية دليل على حجية إجماع المؤمنين، وعدم خطأ مجموع الأمة (1).
وبهذا الترتيب، فإن الرازي قد طوى نصف الطريق جيدا، إلا أنه زاغ في النصف الثاني، ولو أنه التفت إلى النكتة التي وردت في متن الآية لأكمل النصف الثاني أيضا بسلامة، وهي أنه لو كان المقصود من الصادقين مجموع الأمة، فإن الأتباع سيكونون جزء من ذلك المجموع وهو في الواقع اتباع الجزء للقدوة والإمام، وسيعني ذلك اتحاد التابع والمتبوع، في حين نرى أن ظاهر الآية هو أن القدوة غير المقتدي، والتابعين غير المتبوعين، بل يفترقون عنهم. (دققوا ذلك).
ونتيجة ذلك: إن هذه الآية من الآيات التي تدل على وجود المعصوم في كل عصر وزمان.
ويبقى سؤال أخير، وهو أن الصادقين جمع، وهل يجب على هذا الأساس أن يكون في كل زمان معصومون متعددون؟
والجواب على هذا السؤال واضح أيضا، وهو أن الخطاب ليس مختصا بأهل زمن وعصر معين، بل إن الآية تخاطب كل العصور والقرون، ومن البديهي أن المخاطبين على مر العصور لا بد وأن سيكونوا مع جمع من الصادقين. وبتعبير آخر، فإنه لما كان في كل زمان معصوم، فإننا إذا أخذنا كل القرون والعصور بنظر الاعتبار، فإن الكلام سيكون عن جمع المعصومين لا عن شخص واحد.
والشاهد الناطق على هذا الموضوع هو أنه لا يوجد في زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أحد تجب طاعته غير شخص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي الوقت نفسه فإن من المسلم أن الآية تشمل المؤمنين في زمانه، وعلى هذا الأساس سنفهم أن الجمع الوارد في الآية لا يراد منه الجمع في زمان واحد، بل هو في مجموعة الأزمنة.