أن أحد التفاسير الثلاثة المذكورة هنا - أو كل الثلاثة - قابل للقبول بصورة علمية.
فالتفسير الأول: إن " قدم الصدق " هذا إشارة إلى أن الإيمان له ب " سابقة فطرية "، وإن المؤمنين عندما يظهرون إيمانهم فهم في الحقيقة يصدقون فطرتهم - لأن أحد معاني القدم هو السابقة - كما يقولون: لفلان قدم في الإسلام، أو قدم في الحرب، أي إن له سبقا في الإسلام أو الحرب.
والثاني: إنه إشارة إلى مسألة المعاد ونعيم الآخرة، لأن أحد معاني القدم هو المقام والمنزلة، وهو يناسب كون الإنسان يرد إلى منزله ومقامه برجله، وهذا التفسير يعني أن للمؤمنين مقاما ومنزلة ثابتة وحتمية عند الله سبحانه، وأن أي قوة لا تستطيع تغييرها وجعلها في شكل آخر.
أما التفسير الثالث فهو أن القدم بمعنى القدوة والزعيم والقائد، أي إننا أرسلنا للمؤمنين قائدا ومرشدا صادقا.
لقد وردت عدة روايات عن طريق الشيعة والسنة لهذه الآية تفسر قدم الصدق بأنه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو ولاية علي (عليه السلام) وتؤيد هذا المعنى (1).
وكما قلنا فإن من الممكن أن تكون البشارة بكل هذه الأمور هي المرادة من التعبير أعلاه.
وتنهي الآية حديثها بذكر اتهام طالما كرره المشركون واتهموا به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقالت: قال الكافرون إن هذا لساحر مبين.
إن كلمة (إن) و " لام " التأكيد وصفة " المبين "، كلها دلائل على مدى تأكيد أولئك الكفار على هذه التهمة، وعبروا ب (هذا) لتصغير مقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والتقليل من أهميته.
أما لماذا اتهموا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالسحر؟ فجوابه واضح، ذلك أنهم لم يكونوا