وهذا الوعد هو ما أشارت إليه الآية (40) من هذه السورة حيث يقول سبحانه:
قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول.
فكان أن تصور نوح أن قوله تعالى: إلا من سبق عليه القول خاص بزوجته المشركة التي لم تؤمن به دون ابنه كنعان، ولذلك خاطب نوح رب العزة بهذا الكلام.
ولكنه سمع الجواب مباشرة.. جواب يهز هزا كما أنه يكشف عن حقيقة كبيرة .. حقيقة أن الرباط الديني أسمى من رباط النسب والقرابة.. قال يا نوح إنه ليس من أهلك أنه عمل غير صالح.
فهو فرد غير لائق، حيث لا أثر لرباط القرابة بعد أن قطع رباط الدين. فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين.
فأحس نوح أن طلبه هذا من ساحة رحمة الله لم يكن صحيحا، ولا ينبغي أن يتصور نجاة ولده مما وعد الله به في نجاة أهله، لذلك توجه إلى الله معتذرا مستغفرا و قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين.
* * * 2 بحوث 3 1 - لم كان ابن نوح " عملا غير صالح "؟!
يعتقد بعض المفسرين أن في الآية إيجاز حذف، وأصل الآية هكذا " إنه ذو عمل غير صالح ".
ولكن مع ملاحظة أن الإنسان قد يذوب في عمله إلى درجة كأنه يصير بنفسه العمل ذاته، وفي اللغات المختلفة يأتي مثل هذا التعبير على نحو المبالغة كأن يقال:
إن فلانا هو كل العدل والسخاء، أو إن فلانا هو السرقة والفساد فكأنه غاص في