المسلم يجب أن يكون حذرا، واعيا، واقعيا، بعيد النظر، ومن أهل التحليل والتحقيق في كل المسائل الاجتماعية.
المسلم يعرف المتمردين العصاة في لباس الملائكة والوداعة، ويميز الذئاب المتلبسة بلباس الحراس والرعاة، ويعد نفسه لمحاربة الأعداء الظاهرين بصورة الأصدقاء.
هناك قاعدة أساسية في الإسلام، وهي أنه يجب معرفة النيات قبل كل شئ، وأن قيمة كل عمل ترتبط بنيته، لا بظاهره، فبالرغم من أن النية أمر باطني، إلا أن أحدا لا يمكنه إضمار نيته دون أن يظهر أثرها على جوانب عمله وفلتاته، حتى ولو كان ماهرا ومقتدرا في اخفائها.
ومن هذا سيتضح الجواب عن هذا السؤال، وهو: لماذا أصدر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمرا بحرق المسجد الذي هو بيت الله، ويأمر بهدم المسجد الذي لا يجوز شرعا إخراج حصاة واحدة من حصاة، ويجعل المكان الذي يجب تطهيره فورا إذا ما تنجس محلا لجمع الفضلات والقاذورات!!
وجواب كل هذه الأسئلة موضوع واحد، وهو أن مسجد الضرار لم يكن مسجدا بل معبدا للأصنام... لم يكن مكانا مقدسا، بل مقرا للفرقة والنفاق... لم يكن بيت الله، بل بيت الشيطان... ولا يمكن أن تبدل الأسماء والعناوين والأقنعة من واقع الأشياء شيئا مطلقا.
كان هذا هو الدرس الكبير الذي أعطته قصة مسجد الضرار لكل المسلمين، وفي كل الأزمنة والأعصار.
وتتضح من هذا البحث - أيضا - أهمية الوحدة بين صفوف المسلمين من وجهة نظر الإسلام، والتي تبلغ حدا بحيث إذا كان بناء مسجد جنب مسجد يؤدي إلى التفرقة والاختلاف بين صفوف المسلمين فلا قدسية لذلك المسجد إطلاقا.