يسمحوا لأنفسهم بالتفكير في هذا الأمر وأن إنذارات نوح حقيقية.
في هذه الحالة بلغ الأمر الإلهي نوحا وقلنا أحمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن.
لكن كم هم الذين آمنوا معه؟ وما آمن معه إلا قليل.
هذه الآية تشير من جهة إلى امرأة نوح وابنه كنعان - اللذين ستأتي قصتهما في الآيات المقبلة - وقد قطعا علاقتهما بنوح على أثر انحرافهما وتآمرهما مع المجرمين، فلم يكن لهما حق في ركوب السفينة ليكونا من الناجين، لأن الشرط الأول للركوب كان هو الإيمان.
وتشير الآية من جهة أخرى إلى أن ثمرة جهاد نوح (عليه السلام) بعد هذه السنين الطوال والسعي الحثيث المتواصل في التبليغ لدعوته، لم يكن سوى هذا النفر المؤمن القليل!
بعض الروايات تقول أنه استجاب لنوح خلال هذه الفترة الطويلة ثمانون شخصا فقط، وتشير بعض الروايات الأخرى إلى عدد أقل من ذلك، وهذا الأمر يدل على ما كان عليه هذا النبي العظيم نوح (عليه السلام) من الصبر والاستقامة " في درجة قصوى بحيث كان معدل ما يبذله من جهد لهداية شخص واحد عشر سنوات تقريبا، هذا التعب الذي لا يبذله الناس حتى لأولادهم!.
جمع نوح (عليه السلام) ذويه وأصحابه المؤمنين بسرعة، وحين أزف الوعد واقترب الطوفان وأوشك أن يحل عذاب الله أمرهم أن يركبوا في السفينة وقال اركبوا فيه بسم الله مجراها ومرساها (1).
لماذا؟! لكي يعلمهم أنه ينبغي أن تكونوا في جميع الحالات في ذكر الله تعالى وتستمدوا العون من اسمه وذكره إن ربي غفور رحيم.
فبمقتضى رحمته جعل هذه السفينة تحت تصرفكم واختياركم لتنجيكم من