بحيث تكون نتيجة هذا " الاستيلاء " وهذه " الغارة " امتصاص دمائهم وسلب خيراتهم ومصادرة حياتهم.
هذا الاستعمار الذي له أوجه شؤم مختلفة، يتجسم مرة بشكل " ثقافي " وأخرى بوجه " فكري " وثالثة بوجه " اقتصادي " ورابعة بوجه " سياسي " وقد يبدو بوجه " عسكري " أيضا، وهو الذي بدل دنيانا وجعلها سوداء مظلمة، فالأقلية في هذه الدنيا لديهم كل شئ، والأكثرية العظمى فاقدة لكل شئ هذا الاستعمار هو السبب في الحروب والدمار والانحرافات والفساد والتسابق التسليحي الذي يقصم الظهر.
القرآن استعمل لهذا المفهوم مفردة " الاستضعاف " التي تنطبق تماما على هذا المعنى أي " جعل الشئ ضعيفا " بالمعنى الواسع والشامل للكلمة، جعل الفكر ضعيفا، وجعل الاقتصاد ضعيفا، وجعل السياسة ضعيفة.. الخ..
وقد اتسع مجال الاستعمار إلى درجة بحيث أصبحت كلمة الاستعمار " استعمارية " أيضا، وذلك لأن مفهومها اللغوي قد انقلب رأسا على عقب تماما.
وعلى كل حال، فإن الاستعمار من القصص الطويلة المثيرة للحزن والألم، بحيث يمكن أن يقال أنه يستوعب تاريخ البشرية أجمع وإن تغير وجهه دائما، ولكن من غير المعلوم أنه متى يزول من المجتمعات الإنسانية، وتقوم حياة البشر على أساس التعاون والاحترام المتبادل بين الناس والمساعدة ليتقدم الواحد بعد الآخر في جميع المجالات...؟!
* * *