رسول الله صلى الله عليه وآله البسوا البياض فإنه أطيب وأطهر وكفنوا فيه موتاكم وعن مثنى الحناط عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال النبي صلى الله عليه وآله البسوا البياض فإنه أطيب وأطهر وكفنوا فيه موتاكم ويكره التكفين بالسواد للرواية ويكره الكتان هذا هو المشهور بين الأصحاب وقال ابن بابويه ولا يجوز ان يكفن الميت في كتان ولا إبريسم ولكن في القطن ومستند المسألة رواية أبى خديجة السابقة في المسألة المتقدمة ونهى الصادق عليه السلام في مرسلة يعقوب بن يزيد عن تكفين الميت في الكتان والاكمام المبتدأة مستندة ما رواه الشيخ عن محمد بن سنان في الضعيف عمن اخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت الرجل يكون له القميص أيكفن فيه قال اقطع ازراره قلت وكمه قال لا انما ذلك إذا قطع له وهو جديد لم يجعل له كما فاما إذا كان ثوبا لبيسا فلا يقطع منه الا الأزرار ويؤيد انتفاء الكراهة في غير الأكفان المبتدأة ما رواه الشيخ عن محمد بن إسماعيل بن بزيع في الصحيح قال سألت أبا جعفر عليه السلام ان يأمر لي بقميص أعده لكفني فبعث إلى فقلت كيف اصنع قال انزع ازاره والكتبة بالسواد ذكره الشيخ وجماعة من الأصحاب وعلل بان فيه نوع استبشاع وبان وظائف الميت متلقاة توقيفا فيتوقف على الدلالة وفيه تأمل وذكر بعض الأصحاب انه يكره الكتبة بسائر الاصباغ أيضا غير البياض وللتأمل فيه مجال وجعل الكافور في سمعه وبصره وقد مر تحقيق ذلك سابقا وتجمير الأكفان بالمجمرة وهو ما يدخن به الثياب ونقل في المعتبر اجماع فقهائنا على كراهة ذلك وقال ابن بابويه يكره ان يجمر أو يتبع بمجمرة ولكن يجمر الكفن ومستند المسألة قول الصادق عليه السلام في حسنة الحلبي السابقة في مسألة التحنيط وأكره ان يتبع بجمرة وما رواه الشيخ عن أبي حمزة في الصحيح قال قال أبو جعفر عليه السلام لا تقربوا موتاكم النار يعنى الدخنة وعن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن النبي صلى الله عليه وآله نهى ان تتبع جنازة بمجمرة والحق انه لا دلالة في هذه الروايات على كراهة تجمير الأكفان فلا ينافي ما يدل على عدم كراهة ذلك انما يدل على كراهة اتباع الميت بالمجمرة نعم روى الكليني والشيخ عنه عن ابن أبي عمير في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تجمر الكفن وعن المفضل ابن عمر ومحمد بن مسلم في الضعيف عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام لا تجمروا الأكفان ولا تمسوا موتاكم بالطيب الا الكافور فان الميت بمنزلة المحرم ويدل على قول ابن بابويه ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الحسن بالوشا عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بدخنة كفن الميت وينبغي للمرء المسلم ان يدخن ثيابه إذا كان يقدر ويؤيده ما رواه الشيخ عن غياث بن إبراهيم معلقا والظاهر أن الرواية موثقة عن أبي عبد الله عليه السلام انه كان يحمر الميت بالعود فيه المسك وربما جعل على النعش الحنوط وربما لم يجعله وكان يكره ان يتبع الميت بالمجمرة وحمل الشيخ هذين الخبرين على التقية لموافقتهما لمذهب العامة وهو حسن وكفن المرأة واجب على زوجها وإن كانت موسرة لا اعلم في ذلك خلافا بين الأصحاب ونقل الشيخ في الخلاف الاجماع عليه واستدلوا عليه بأن الزوجية باقية إلى حين الوفاة ولهذا يجوز تغسيلها ورؤيتها وجاز ميراثها فيجب ثبوتها لأنها من احكام الزوجية والكفن من جملة ذلك وبان من وجبت نفقته وكسوته حال الحياة وجب تكفينه كالمملوك فكذا الزوجة وبالاجماع المنقول وبما رواه الشيخ عن السكوني عن الصادق عليه السلام عن ابائه عليهم السلام ان عليا عليه السلام قال على الزوج كفن امرأته إذا ماتت وللنظر في هذه الأدلة مجال واستدل بعض المتأخرين بما رواه ابن بابويه عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال الكفن من جميع المال وقال عليه السلام كفن المراة على زوجها إذا ماتت وفيه انه يجوز ان يكون قوله قال عليه السلام من كلام الصدوق فيكون الخبر من المراسيل والظاهر أن هذين الخبرين مع عدم ظهور الخلاف بين الأصحاب يكفي لصحة التعويل عليه وكذا اطلاق النص والفتاوى يقتضى عدم الفرق في الزوجة بين الدائمة والمستمع بها ولا بين المطيعة والناشزة ولا بين الحرة واحتمل بعض المتأخرين اختصاص الحكم بالدائمة لكونها المتبادر عند الاطلاق وهو غير بعيد والحق بالكفن مؤنة التجهيز الواجب على ما صرح به جماعة من الأصحاب وتوقف فيه صاحب المدارك والحكم مختص بالزوج الموسر عند الأصحاب ويحتمل شموله للمعسر أيضا مع الامكان نظرا إلى اطلاق النص ولو أوصت بالكفن نفذت عن الثلث سقط عن الزوج ولا يلحق واجب النفقة بالزوجة الا المملوك فان كفنه على المولى وقد حكى الاجماع عليه وإن كان مدبرا أو أم ولد أو مكاتبا مشروطا أو مطلقا لم يتحرر منه شئ قالوا ولو تحرر منه شئ فبالنسبة وتغدم الكفن من الأصل لا خلاف في هذا الحكم بين الأصحاب ويدل عليه ما رواه ابن بابويه والكليني عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال الكفن من جميع المال وما رواه الكليني وابن بابويه عن زرارة في الصحيح قال سألته عن رجل مات وعليه دين بقدر ثمن كفنه قال يجعل ما ترك في ثمن كفنه الا ان يتجر عليه بعض الناس فيكفنونه ويقضى عليه مما ترك وعن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال أول شئ يبدأ به من المال الكفن ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث واطلاق الأدلة وكلام الأصحاب يقتضى تقديم الكفن على حق المرتهن والمجني عليه وغير ماء المفلس وبه صرح بعض الأصحاب ويحتمل تقديم حق المرتهن والمجني عليه ويحتمل تقديم حق المجني عليه دون المرتهن وانما يقدم الكفن الواجب من الأصل دون المندوب فلو أوصى به توقف على الخروج من الثلث أو إجازة الوارث بعد اخراج الديون والحق بالكفن مؤنة التجهيز ثم يقدم بعد الكفن ومؤنة التجهيز الدين ثم الوصية من الثلث والباقي ميراث وسيجيئ تفصيل هذه الأحكام في كتاب الوصايا إن شاء الله تعالى ويستحب للمسلمين بذل الكفن لو فقد ولا يجب وكذا القول في باقي مؤنة تجهيزه والظاهر أنه لا خلاف في الحكمين بين العلماء إما الحكم الأول فيدل عليه روايات منها ما رواه الكليني عن سعد بن طريف في الحسن عن أبي جعفر عليه السلام قال من كفن مؤمنا كان كمن ضمن كسوته إلى يوم القيامة واما عدم الوجوب فللأصل السالم عن المعارض ولو كان للمسلمين بيت مال موجود كفن منه لأنه معد للمصالح وذكر جماعة من الأصحاب انه يجوز تكفينه من الزكاة عند الحاجة إليه وقيل بل يجب والمستند ما رواه الشيخ عن الحسن بن محبوب في الصحيح وقيل إنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم عن الفضل بن يونس الكاتب الثقة الواقفي قال سألت أبا الحسن موسى عليه السلام فقلت له ما ترى في رجل من أصحابنا يموت ولم يترك ما يكفن به اشترى له كفنه من الزكاة فقال اعط عياله من الزكاة قدر ما يجهزونه فيكونون هم الذين يجهزونه قلت فإن لم يكن له ولد ولا أحد يقوم بأمره فاجهزوه انا من الزكاة فقال إن أبى كان يقول إن حرمة بدن الميت ميتا كحرمته حيا فوار بدنه وعورته وجهزه وكفنه وحنطه احتسب بذلك من الزكاة وتوقف في هذا الحكم بعض المتأخرين نظرا إلى أن الفضل كان واقفيا على ما ذكره الشيخ وعندي العمل بمضمون هذه الرواية بناء على ما عرفت من أن طريقتي العمل بالاخبار الموثقة والمستفاد من الرواية تقديم الدفع إلى الورثة ليكونوا هم المجهزون ولو خرج منه نجاسة بعد التكفين غسلت من جسده وكفنه فهنا مسئلتان الأولى إذا خرجت النجاسة من الميت ولاتت بدنه فالمشهور بين الأصحاب انه يغسل ولا تجب إعادة الغسل وقال ابن أبي عقيل بوجوب إعادة الغسل لنا على عدم وجوب إعادة الغسل ما رواه الشيخ عن روح بن عبد الرحيم في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن بدا من الميت شئ بعد غسله فاغسل الذي بدا منه ولا تعد الغسل وعن عبد الله بن يحيى الكاهلي والحسين بن المختار في الضعيف عن أبي عبد الله عليه السلام قالا سألناه عن الميت يخرج منه الشئ بعد ما يفرغ من غسله قال يغسل ذلك ولا يعاد عليه الغسل وروى الكليني عنه والظاهر رجوع الضمير إلى سهل بن زياد عن بعض أصحابه رفعه قال إذا غسل الميت ثم أحدث بعد الغسل فإنه يغسل الحدث ولا يعاد الغسل والامر في اخبارنا وان لم يكن صريحا في الوجوب لكن لا يبعد ان يجعل عمل الأصحاب وفهمهم علة لفهم الوجوب ولنا على عدم وجوب إعادة الغسل الأصل السالم عن المعارض مضافا إلى الأخبار المذكورة احتج في المختلف لابن أبي عقيل بان الحدث ناقض للغسل فوجب اعادته وهو ضعيف جدا الثانية إذا خرج من الميت شئ فأصاب الكفن فذهب أكثر الأصحاب منهم الصدوقان إلى أنه يجب غسله ما لم يطرح في القبر وقرضها بعده ونقل عن الشيخ انه اطلق وجوب قرض المحل احتج الأولون بان في القرض اتلافا للمال وهو منهى عنه فيقتصر في ذلك على محل الاتفاق وفيه ان عموم الاخبار الآتية دالة على القرض فيتخصص به ما دل على تحريم اتلاف المال ويدل على قول الشيخ ما رواه عن ابن أبي عمير وأحمد بن محمد باسناد لا يبعد ان يعد صحيحا عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا خرج من الميت شئ بعد ما يكفن فأصاب الكفن قرض من الكفن رواه الكليني عن ابن أبي عمير في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام وروى الشيخ عن أحمد بن محمد بن أبي نصر في الصحيح عن عبد الله بن يحيى الكاهلي ويعد من الممدوحين عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا خرج من منخر الميت الدم أو الشئ بعد الغسل فأصاب العمامة أو الكفن قرض بالمقراض وروى عن الكاهلي باسناد فيه اشتراك بين الثقة وغيره نحوا منه وروى الكليني عن الكاهلي في الضعيف نحوا منه ولا يخفى ان الجمع بين هذه الأخبار السابقة الدالة على الغسل ممكن بوجهين أحدهما تخصيص الأخبار السابقة بصورة
(٨٩)