اطلاق الأدلة عدم ذكر النية وأصالة عدم التخصيص والتقييد يقتضى قوة قول السيد وإن كان الاحتياط فيما ذهب إليه أكثر الأصحاب وهل يعتبر في كل غسل من الأغسال الثلاثة أم يكفي نية واحدة للجميع قولان أظهرهما الثاني لأنه في الحقيقة فعل واحد مركب منها ويعتبر وقوع النية من الغاسل وهو الصاب لان حقيقة الغسل وهو جريان الماء على العضو انما يحصل منه فلو كان أحدهما صابا والاخر مقلبا لا يكفي نية المقلب واستقرب الشهيد في الذكرى اجزائها منه ولو اشترك جماعة في غسله مجتمعا فالظاهر اعتبار وقوع النية من كل واحد منهم ولو اشتركوا على سبيل الترتيب بان غسل كل منهم بعض أعضائه اعتبرت النية من كل واحد منهم عند أول فعله الثالث الظاهر وجوب الترتيب في الغسلات وقد حكى اجماعنا عليه الشهيد في الذكرى والظاهر أيضا وجوب الترتيب بين الأغسال الثلاثة وقوفا على الأخبار الواردة بكيفية غسل الميت وعملا بما يحصل به البراءة من التكليف الثابت وحكى عن ابن حمزة القول بالاستحباب الرابع ذكر جماعة من المتأخرين انه يسقط الترتيب بغمس الميت في الماء مرة واحدة تعويلا على رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال غسل الميت مثل غسل الجنب وهو غير بعيد واستضعف بعضهم هذه الرواية وقد مر الكلام في هذا في مبحث الجنابة في صفة الترتيب الخامس المشهور بين الأصحاب انه يكفي في السدر والكافور مسماه ويحكى عن المفيد تقدير السدر برطل وعن ابن البراج رطل ونصف وعن بعضهم اعتبار سبع مدقات والظاهر أن المعتبر ما يصدق معه انه ماء سدر وكافور وهل يعتبر كون السدر مطحونا أو ممروسا فيه قولان أقربهما نعم لتوقف صدق الاسم عليه ولو كان الخليط قليلا لا يصدق معه الاسم لم يجز ولو خرج الماء بالخليط عن الاطلاق ففي جواز التغسيل به قولان ويدل على الجواز اطلاق الاخبار ونقل في الذكرى اتفاق الأصحاب على جواز ترغية السدر وهو مؤيد للجواز السادس هل المعتبر في القراح مجرد كونه مطلقا وإن كان فيه شئ من الخليطين أو يشترط فيه الخلو عن الخليطين أم يعتبر فيه الخلو عن كل شئ حتى التراب فيه أقوال ولا يبعد ترجيح الأوسط وان فقد السدر والكافور غسل ثلثا بالقراح اختلف الأصحاب في هذه المسألة فقيل يجب مرة بالقراح واختاره الشهيد وقيل يجب ثلثا واختاره المصنف احتج الأولون بالأصل والشك في وجوب الزائد فلا يجب وبأن المراد بالسدر الاستعانة على النظافة وبالكافور تطيب الميت وحفظه من تسارع التغير وتعرض الهوام فكأنهما شرط في الماء فيسقط الماء عند تعذرهما لانتفاء الفائدة ولأنه كغسل الجنابة وفيه نظر لان الأصل مرتفع بثبوت التكليف المطلق وعدم ما دل على صحة الاكتفاء بغسل واحد فنجب الأغسال الثلاثة تحصيلا للبراءة اليقينية من التكليف الثابت والوجه الاعتباري الذي ذكر ضعيف لا يصلح لتأسيس الحكم الشرعي والمماثلة بينه وبين غسل الجنابة في الترتيب والكيفية لا في الوحدة والتعدد واحتج الباقون بأن المأمور به شيئان فإذا تعذر أحدهما لم يسقط الأخر ولقوله عليه السلام لا يسقط الميسور بالمعسور وقوله عليه السلام إذا أمرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم وفيه نظر لان كل واحد من الامرين مأمور به من حيث تعلق التكليف بالمجموع لا بالأصالة فإذا تعذر المجموع لم يلزم وجوب أحد الجزءين بدله الا بدليل لان وجوب الجزء من حيث إنه جزء لوجوب الكل والروايتان على تقدير تسليم سندهما غير واضحتي الدلالة على معنى يشمل محل البحث فيشكل التعليق بهما ولا يبعد ترجيح القول الثاني نظرا إلى ما أشرنا إليه من توقف البراءة اليقينية من التكليف اليقيني عليه وكذا الحكم لو فقد أحد الخليطين ولو فقد السدر (فالمشهور انه لا يقوم الخطمي مقامه ويحكى عن الشيخ خلافه ولو فقد ماء غسلتين دون الخليط فقيل يغسل بالقراح وقيل يغسل بماء السدر) ولو وجد الماء الغسلتين احتمل تقديم الكافور واحتمل تقديم القراح واحتمل الجمع وذكر جماعة من الأصحاب انه يعتبر التمييز بين الغسلات على تقدير عدم الخليط بالنية فينوي البدلية عن السدر ثم الكافور ثم القراح وعند تعذر أحد الأغسال هل يجب التيمم عنه فيه قولان ولو وجد الخليط قبل الدفن فهل تجب الإعادة فيه قولان أظهرهما الوجوب لان الاكتفاء بالغسل بدون الخليط انما كان منوطا بالضرورة فإذا ارتفعت لم يكن هناك معدل عن العمل باطلاق التكليف والظاهر أنه لا يسقط الغسل بمسه مع تحقق الأغسال الناقصة عند تعذر الكامل وقد صرح بذلك جماعة من الأصحاب واولى منه التيمم ولو خيف من تغسيله تتأثر جلده كالمحترق والمجدور يمم هذا مذهب الأصحاب ونقل الشيخ عليه اتفاق جميع الفقهاء الا الأوزاعي واستدل الشيخ بما رواه عن زيد بن علي عن ابائه عن علي عليه السلام قال إن قوما اتوا رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا يا رسول الله مات صاحب النار وهو مجدور فان غسلناه تسلخ فقال يمموه والرواية ضعيفة لان في سندها جماعة من الزيدية وان لم تكن المسألة اجماعية كان للتوقف فيه مجال لفقد دليل دال عليه سيما على القول بكون غسل الميت إزالة خبث كما ذهب إليه المرتضى رحمه الله وفى بعض الروايات اشعار بعدم الوجوب روى الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح عن أبي الحسن عليه السلام في الجنب والمحدث والميت إذا حضرت الصلاة ولم يك معهم من الماء الا يقدر ما يكفي أحدهم قال يغتسل الجنب ويدفن الميت ويتيمم الذي هو على غير وضوء لان الغسل من الجنابة فريضة وغسل الميت سنة والتيمم للاخر جائز وهل يكفي التيمم الواحد أو يجب المتعدد بحسب تعدد الأغسال فيه قولان وذكر الشارح الفاضل المعتبر وضع يد الحي على الأرض وامراره على جهة الميت ويده ودليله غير واضح ويستحب وضعه أي الميت على ساجة وهي خشب مخصوص والمراد بها هنا مطلق الخشبة وعلل ذلك بأن فيه حفظ جسده من التلطخ قالوا وينبغي كونه على مرتفع لئلا يعود إليه ماء الغسل وأن يكون مكان الرجلين اخفض حذرا عن اجتماع الماء تحته وليكن حال الغسل مستقبل القبلة استحبابا عند أكثر الأصحاب بل قال المحقق انه اتفاق أهل العلم ونقل عن ظاهر الشيخ في المبسوط القول بالوجوب واختاره المصنف في المنتهى ورجحه المدقق الشيخ على والأول أقرب إما رجحان الاستقبال فللامر به في عدة اخبار واما عدم وجوبه فلما رواه الشيخ عن يعقوب بن يقطين باسناد فيه توقف قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الميت كيف يوضع على المغتسل موجبها وجهه نحو القبلة أو يوضع على يمينه ووجهه نحو القبلة قال يوضع كيف تيسر وجه الدلالة انه لو تيسر جهلين أو أكثر لزم التخيير بمقتضى الخبر وهو مناف لوجوب الاستقبال فاندفع ما يقال إن الخبر لا ينافي الامر به لان ما لا تيسر لا يجب قطعا وليكن تحت الظلال لما رآه الشيخ عن علي ابن جعفر في الصحيح قال سألته عن الميت يغسل في القضاء قال لا باس وان يستر بستر فهو أحب إلى ووقوف الغاسل عن يمينه لقول الصادق عليه السلام لا يجعله بين رجليه بل يقف من جانبيه وفيه انه أعم من المدعى وغمز بطنه في الغسلتين الأوليين لرواية الكاهلي ويونس الآتيين فلا يتسحب المسح في الثالثة بل يكره ولو خرج منه نجاسة بعد الغسل وفى أثنائه غسلت ولا يعاد الغسل والحكم المذكور ثابت في كل ميت الا في الحامل التي مات ولدها في بطنها حذرا من الاجهاض قال الشهيد في البيان ولو أجهضت بذلك فعليه عشر دية امه والذكر لله تعالى حال الغسل ويتأكد بالدعاء المأثور وصب الماء إلى حفيرة ولتكن تجاه القبلة لقوله عليه السلام في حسنة سليمان بن خالد وكذلك إذا غسل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة فيكون مستقبل باطن قدميه ووجهه القبلة ويكره ارساله في الكنيف وهو الموضع المعد لقضاء الحاجة ويلحق به بالوعة البول ولا باس بالبالوعة المعدة لصب الماء ونحوه لما رواه الشيخ عن محمد بن الحسن الصفار في الصحيح قال كتبت إلى أبى محمد عليه السلام هل يغسل الميت وماؤه الذي يصب عليه يدخل في بئر كنيف فوقع يكون ذلك في بلاليع وتليين أصابعه برفق نقل المحقق في المعتبر الاجماع عليه ويدل عليه قوله عليه السلام في رواية الكاهلي الآتية ثم تلين أصابعه وحكم عن ابن أبي عقيل القول بالمنع محتجا بقوله عليه السلام في خبر طلحة بن زيد ولا تغمز له مفصلا وحملها الشيخ على ما بعد الغسل وهو متجه وغسل فرجه بماء قد مزج بالحرض وهو الأشنان والسدر بان يمزجهما معا بالماء ويغسل فرجه لرواية الكاهلي الآتية ويغسل رأسه بالرغوة السدر أولا قبل الغسل بالسدر كذا ذكره جماعة من الأصحاب لكن المستفاد من الاخبار المتعددة ان تغسيل الرأس برغوة السدر محسوب من الغسل بالسدر الواجب لا انه مستحب متقدم يدل على ذلك رواية الكاهلي ويونس الآتيتان وما رواه الشيخ عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن الصادق عليه السلام قال إذا أردت غسل الميت فاجعل بينك وبينه ما يستر عورته إما قميصا واما غيره ثم تبدأ بكفيه وتغسل رأسه ثلث مرات بالسدر ثم سائر جسده وابدا بشقه الأيمن وتكرار غسل كل عضو ثلثا لرواية الكاهلي ويونس الآتيتان وان يوضأ قبل الغسل بعد إزالة النجاسة العرضية اختلف الأصحاب في وضوء الميت فالمشهور بينهم استحبابه ونقل عن ظاهر أبى الصلاح القول بالوجوب والأول أقرب إما رجحان فعله فللامر به في عدة اخبار منها ما رواه الشيخ عن حرير في الصحيح قال اخبرني أبو عبد الله عليه السلام قال الميت يبدأ بفرجه ثم يوضأ وضوء الصلاة الحديث واما عدم وجوبه فللأصل وعدم ذكره في مقام البيان في كثير من الأخبار الواردة في بيان كيفية تغسيل الميت وما يرتبط بذلك
(٨٤)