ان الشهيد الثاني رحمه الله ذهب إلى أن استواء سطح الماء غير معتبر في الكر فلو بلغ الماء المتواصل المختلف السطوح كرا لم ينفعل شئ منه بملاقات النجاسة وذكر ان كلام الأصحاب خال من تقييد الكر المجتمع بكون سطوحه مستوية وعد منهم المصنف فإنه اطلق في جهة الحكم بعدم الانفعال بملاقات النجاسة في مسألة الغديرين الموصول بينهما بساقيه إذا بلغ المجموع مع الساقية كرا من غير اشتراط استواء السطوح وكذا في القليل المتصل الجاري وعزى إلى جماعة من متأخري الأصحاب اضطراب الفتوى في هذا الباب ورأيت ذلك في كلام الشهيد رحمه الله فإنه قال في الدروس لو كان الجاري لا عن مادة ولاقته النجاسة لم ينجس ما فوقها مطلقا ولا ما تحتها إن كان جميعها كرا فصاعدا الا مع التغيير فأطلق الحكم بعدم نجاسة ما تحت موضع الملاقاة وإذا بلغ المجموع كرا من غير اشتراط استواء السطح ثم قال بعد ذلك بقليل لو اتصل الواقف بالجاري اتحدا مع مساواة سطحهما وكون الجاري أعلى لانعكس ويكفى في العلم فوران الماء من تحت الواقف فاعتبر في صدق الاتحاد مساواة السطحين أو علو الكثير وقال في البيان لو اتصل الواقف القليل بالجاري واتحد سطحهما أو كان الجاري أعلى اتحدوا لو كان الواقف أعلى فلا وقال في الذكرى بعد حكمه بان اتصال القليل النجس بالكثير مماسة لا يطهره ولو كانت الملاقاة بعين ملاقاة النجاسة القليل بعد الاتصال ولو بساقيه لم ينجس القليل مع مساواة السطحين أو علو الكثير واما ما نقله من المصنف من اطلاق الحكم فهو كذلك في أكثر كتبه لكنه في التذكرة قيده حيث قال لو وصل بين الغديرين بساقية اتحدا ان اعتدل الماء والا في حق السافل فلو نقص الاعلى عن كر انفعل بالملاقات والمحقق في المعتبر اطلق الحكم حيث قال الغدير ان الطاهران إذا وصل بينهما بساقية صارا كالماء الواحد فلو وقع في أحدهما نجاسة لم ينجس ولو نقص كل واحد منهما عن الكر إذا كان مجموعهما مع الساقية كرا فصاعدا الا أنه قال متصلا بذلك لو نقص الغدير عن كر فنجس فوصل بغدير فيه كر ففي طهارته تردد والأشبه بقاؤه على النجاسة لأنه ممتاز عن الطاهر والنجس لو غلب على الطاهر نجسه مع ممازجته فكيف مع مباينته وهذا الكلام يؤذن بفرضه الحكم في غديرين سطحهما مستو فيخرج الكلام عن الاطلاق لكنه اطلق الحكم بالطهارة في الواقف المتغير إذا كان الباقي كرا وكذا في الماء الواقف في النهر فإذا نقول الماء البالغ كرا لا يخلو إما ان يكون سطحه مستويا أم لا فإن كان سطحه مستويا فلم اطلع على خلاف في أنه لا ينفعل بالنجاسة وان أمكن المناقشة فيه باعتبار عدم صدق الوحدة العرفية في بعض الصور وإذ لم يكن سطحه مستويا فلا يخلو إما ان يكون يبلغ كرا أم لا فإن لم يبلغ كرا فلا يخلو إما ان يكون ملاقاة النجاسة للأعلى أو للأسفل وعلى الأول فمذهب الشهيد الثاني ومقتضى الاطلاقات السابقة عدم نجاسته ومقتضى العبارات المنقولة عن الشهيد وكلام المصنف في التذكرة نجاسته وعلى الثاني مذهب الشهيد الثاني ومقتضى الاطلاقات السابقة وكلام المصنف في التذكرة عدم نجاسته ومقتضى كلام الشهيد ومن تبعه النجاسة حيث اشترطوا استواء السطح أو علو الكثير وان بلغ الاعلى كرا فلا ريب في عدم قبوله للنجاسة بدون التغير وكذا الأسفل مع بلوغه الكرية وان لم يبلغ فالأكثر صرحوا بأنه لا ينجس بملاقاة النجاسة ولم أجد مصرحا بخلافه لكن المصنف في المنتهى والتذكرة بعد اشتراطه كرية مادة الحمام وقف في الحاق الحوض الصغير ذي المادة في غيره به وقال في النهاية بعد اشتراط الكثرة في مادة الحمام ولو كان الحوض الصغير في غير الحمام وله مادة فالأقرب الحاقه بالحمام لمساواته في المعنى والحكمة في هذه العبارات اشعارا بالخلاف وبعضهم اعتبر الفرق بين الاتصال الحاصل بالميزاب ونحوه وبين ما يكون بالساقية في الأرض المنحدرة فحكم بما يتقويه الاعلى في الثاني دون الأول هذا تحرير الأقوال في هذه المسألة احتج الشهيد الثاني بعموم ما دل على عدم انفعال مقدار الكل بملاقاته للنجاسة واعترض عليه بما محصله يرجع إلى أن النص متضمن للسؤال عن الماء المجتمع ويقدم السؤال عن بعض أنواع المهية عهد ظاهر فلتحمل عليه لفظة الماء فيما دل على اشتراط الكرية في عدم الانفعال لان عموم المفرد المعرف بالام ليس من حيث كونه موضوعا لذلك على صيغ العموم بل باعتبار منافاته عدم ارادته للحكمة والمنافات المذكورة انما يكون عند عدم العلم وفيه نظر إذ لا تخصيص في النصوص الدالة على ما ذكرنا السؤال عن الماء المجتمع يظهر ذلك بالمراجعة إليها نعم يرد عليه ان في صورة عدم الاستواء لا نسلم الاتحاد بين المائين فلا يصدق على كل منهما ان الماء بلغ كرا وذلك موقوف على اتحاده مع الماء الآخر عرفا وهو ممنوع هناك وللمستدل أن يقول بصدق الوحدة العرفية في بعض صور عدم الاستواءة وضعه مكابرة فثبت الحكم فيه بالدليل الذي ذكر وينسحب في غيره للاجماع المركب لكن الشأن في اثباته والأقرب ما اختاره الشهيد الثاني للعمومات الدالة على طهورية المياه الا ما اخرج بالدليل وللعمومات الدالة على عدم نجاسة الماء بدون التغير خرج عنه الماء القليل إذا لم يتصل بماء اخر بحيث يكون المجموع كرا بالدليل فيبقى غيره داخلا في عموم الاخبار إذ لا عموم في أدلة انفعال القليل بالملاقاة بحيث يشمل محل النزاع إذ بعضها مختص بمياه الأواني وأمثالها وبعضها لا عموم فيها كمفهوم قوله عليه السلام إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شئ وعسى ان يجئ زيادة توضيح لذلك لا يقال صحيحة علي بن جعفر السابقة تدل على نجاسة كل ماء قليل بملاقات النجاسة سواء اتصل بماء اخر أم لا لأنا نقول لا نسلم ذلك لان المفرد المعرف باللام فيها محمول على الافراد الغالبة التي ينساق إليها الأذهان وشمولها لكل فرد للطبيعة ممنوع كما أشرنا إليه ومما ذكرنا يعلم ضعف ما قال بعض المتأخرين من أنه ليس اعتبار المساواة في الجملة بالبعيد لان ظاهر الاخبار المتضمنة لحكم الكر اشتراطا وكمية اعتبار الاجماع في الماء وصدق الوحدة والكثرة في تحقق ذلك في كثير من الصور نظر وذكر هذا القائل في توجيه القليل والمتصل بالكثير إذا كان أعلى منه بالكثير المستوى السطوح حتى لا ينسحب فيه الاعتبار الذي ذكره ان المقتضى لعدم انفعال النابع بالملاقاة هو وجود المادة ولا ريب ان تأثير المادة انما هو باعتبار إفادتها الاتحاد بالكثرة وليس الزائد منها على الكر بمعتبر في نظر الشارع فيرجع حاصل المقتضى إلى كونه متصلا بالكر على جهة جريانه إليه واستيلائه عليه وهذا المعنى بعينه موجود فيما نحن فيه فيجب ان يحصل مقتضاه ويؤيد ذلك حكم ماء الحمام فانا لا نعلم من الأصحاب مخالفا في عدم انفعاله بالملاقاة مع بلوغ المادة كرا والأخبار الواردة فيه شاهدة بذلك أيضا وليس لخصوصية الحمام عند التحقيق مدخل في ذلك وما ذكره من أن المقتضى لعدم انفعال التابع بالملاقاة هو وجود المادة إشارة إلى التعليل المذكور في خبر محمد بن إسماعيل السالف وأنت خبير بضعف دلالتها على العموم خصوصا فيما ليس بنابع وقوله ليس لخصوصية الحمام عند التحقيق مدخل في ذلك محل تأمل وعلى القول بالحاق القليل المتصل بالكثير المستوى السطوح دون ما إذا لم يكن أعلى منه فهل يعتبر استواء السطوح في المادة بالنظر إلى عدم انفعال ما تحتها أم لا فيه وجهان وصرح بعضهم بالعدم لصدق المادة الكثيرة مع الاختلاف ولان المادة المعتبرة في النابع ليست بمستواه ويحتمل خلافه لاحتمال ان يكون المراد من المادة ما لا ينفعل بملاقاة النجاسة وههنا ليس كذلك وعلى هذا القول يعتبر الاستواء في عدم انفعال المادة بنفسها قطعا ولو لاقتها نجاسة نجس موضع الملاقاة ولا يلزم نجاسة ما فوقها لأن النجاسة لا تسرى من الأسفل إلى الاعلى وهل يلزم نجاسة ما لاقتها إذا لم يكن فيه كر مجتمع يحتمل ذلك لأنه ماء قليل لاقي نجسا وربما استبعد ذلك حيث يكون الماء كثيرا جدا لا سيما انفعال اخر جزء منه بملاقاة أول الجزء على ما هو شأن ما ينفعل بالملاقاة ويحتمل العدم إذ لا دلالة في أدلة انفعال القليل بملاقاة النجس على انفعاله بملاقاته مطلقا على أي نحو كانت وليس مجرد الاتصال بالنجس موجبا للنجاسة شرعا لتخلف ذلك في كثير من الموارد وهذا هو الكلام في الواقف واما الجاري فلا ريب في عدم اشتراط استواء السطوح في عدم الانفعال بالملاقات على القول بعدم اشتراط الكريه كما هو المشهور واما عند المصنف القائل باشتراط الكرية في الجاري فاشتراط استواء السطح محتمل لكن الظاهر من كلامه انه يكتفى هنا ببلوغ مجموع الماء مقدار الكر وان اختلفت سطوحه بخلاف الواقف كأنه يشترط فيه في بعض كتبه المساواة على بعض الوجوه ولم يتعرض لذلك هنا قال بعض الفضلاء فكأنه يرى للجاري خصوصية عن الواقف في الجملة وان شاركه في انفعال قليله بالملاقات ولعل الخصوصية كون الغالب فيه عدم الاستواء فلو اعتبرت المساواة على حد ما ذكره في الواقف للزم الحكم بتنجيس الأنهار العظيمة بملاقاة النجاسة أوائلها التي لا تبلغ مقدار الكر ولو بضميمة ما فوقها وذلك معلوم الانتفاء إذا عرفت هذا فاعلم أنه إذا تغير الجاري بالنجاسة فلا يخلو إما ان
(١١٨)