لأنه دخل في الشورى تعرضا للوصول إلى الإمامة، وقد علم أن تلك الجهة لا يستحق من مثلها التصرف في الإمامة، ثم قبل اختيار المختارين له عند افضاء الأمر إليه وأظهر أنه صار إماما باختيارهم وعقدهم. وهذا له معنى التولي من قبل الظالم بعينه للاشتراك في اظهار التوصل إلى الأمر بما لا يستحق به ولا هو موجب لمثله.
لكنا نقول: إن التصرف في الإمامة كان إليه بحكم النص من رسول الله صلى الله عليه وآله على 1 أمته، فإذا دفع عن مقامه وظن أنه ربما توصل إلى الإمامة بأسباب وضعها الواضعون لا تكون الإمامة مستحقة بمثلها، جاز بل وجب أن يدخل فيها ويتوصل بها 2 حتى إذا وصل إلى الإمامة، كان تصرفه فيها بحكم النص لا بحكم هذه الأسباب العارضة. ويجري ذلك مجرى من غصب على وديعة وحيل بينه وبينها وأظهر غاصبها أنه يهبها لصاحبها، فإنه يجوز لصاحب الوديعة أن يتقبل في الظاهر هذه الوديعة ويظهر أنه قبضها على جهة الهبة، ويكون تصرفه حينئذ فيها بحكم الملك الأول لاعن جهة الهبة.
وعلى هذا الوجه يحمل تولي أمير المؤمنين لجلدة 3 الوليد بن عقبة.
ولم يزل الصالحون والعلماء يتولون في أزمان مختلفة من قبل الظلمة لبعض الأسباب التي ذكرناها، والتولي من قبل الظلمة إذا كان فيه ما يحسنه مما تقدم ذكره، فهو على الظاهر من قبل الظالم، وفي الباطن من قبل أئمة الحق، لأنهم إذا أذنوا في هذه الولاية عند الشروط التي ذكرناها فتولاها بأمرهم فهو على الحقيقة وال من قبلهم ومتصرف بأمرهم.