فقالوا: هو الفرض الذي لا يتقبل في الحج غيره ممن نأت عن مكة داره.
ومعلوم جواز فوته لمن يسلك طريق الشام، لجواز دخوله مكة بعد الوقف من يوم التروية، وهو وقت لا يمكن فيه التمتع بالعمرة، وإن ذلك لفوت من حج على طريق العراق لوروده يوم عرفة.
فالتجئ الضرورة لمن يقول هذا الرأي إلى المقام على الاحرام الذي عقده بنية التمتع بالعمرة، ويصير إلى الإفراد الذي لو ابتدأ الاحرام به لكان مخطئا عند الشيعة في كل حال، فجوزت له الضرورة هذا الفعال، ولذلك عدة نظائر من الواجبات، وستر الناس على خلافها غير متمكنين من إقامتها على شرائطها.
يقال له: وهذا المسألة أيضا مما لا نسأل عنه ولا نحاج عليه، لأنه لا حجة فيه.
والفرق بين فوت التمتع بالعمرة إلى الحج لمن حج مع كافة الناس، وهو ما يقوله أصحاب العدد واضح، لأن فوت التمتع لا يبطل العدد، وهو إذا كان وقف بعرفات قبل وقوف أصحاب الرؤية، فقد فات على كل حال من يحج مع جملة الحاج الخارجين من العراق الوقوف بعرفات على مذهب أصحاب العدد.
وليس بنافع له أن يتغير مذهب وإلى الحرم، فيقف بعرفات على موجب العدد قبل فوته، لأن ذلك لا يمنع من فوات الحج لهذا الذي خرج في جملة الحجيج العاملين على الرؤية في يوم الوقوف، وتعذر استدراك فرضه عليه.
وهذا كله واضح لمن تأمل بعين الانصاف.