فأي فائدة في أن يعلم المكلف إذا رأى الهلال في آخر يوم أن ذلك اليوم مستهل الشهر وقد فات وانقضى، ولا يتمكن من صيامه ولا أداء العبادة فيه، وإنما أمارة الشهر ودخوله يجب أن تكون متقدمة ليعلم بها الشهر فيؤدى الفرض فيه، فأما أن يكون متأخرة وفات الصوم فيه، فغير صحيح.
وقوله بشرط موافقته للعدد ليسقط 1 أن يكون برؤية الأهلة اعتبارا ويكون دليلا في نفسها، لأنه إذا شرط أن توافق الرؤية العدد، فلا حظ هاهنا ولا حكم تؤثر فيه، وإنما التأثير للعدد دونها، فلا معنى لقوله (إنا نستدل بالرؤية على بعض الوجوه).
وقوله (ومن أصحابنا من يستدل بالرؤية من وجه آخر) إلى آخر الفصل غير صحيح، لأنه إذا رقب ظهور الهلال في المشرق إلى آخر الشهر، فخفي عنه لقربه من الشمس على أنه آخر يوم من الشهر الماضي، فيعلم أنه اليوم الذي أول المستهل.
فهذا الترتيب الذي رتبته من أين له صحته؟ وأي دليل قام عليه؟ فما رأينا أحدا من المسلمين راعى في رؤية الهلال هذا الذي ادعاه من مراعاة عند طلوع الشمس، ولا رأيناهم يراعون الأهلة الإفراد آخر الأيام غياب الشمس، ولا يبرزون إلى الأماكن المصحرة في أواخر النهار عند مغيب الشمس، وما رأيناهم قط اجتمعوا قبل طلوع الشمس، ولا راعوا طلوعه في هذا الوقت أو خفاءه.
على أنه قد نقض الكلام كله بقوله (نستدل بذلك ما لم يخالف العدد، فإذا خالفه كان متمسكا بالأصل)، لأنه إذا كان الأمر على ما ذكره، فالعدد هو الدليل وهو المؤثر، وقد تقدم هذا.
لأن ظهور الهلال أو خفاءه في الوقت الذي ذكره إذا كان يصدق ويكذب،