ولا يتكامل شروط توكيد النظر للعلم.
فليس كل من وصف الطريق إلى سلوك جهة من الجهات والصفات الصحيحة السديدة يكون سالكا لذلك الطريق ومستعملا لما وصف كيف يكون استعماله.
ألا ترى أن من وصف كيف يكون سلوك الطريق إلى البصرة، ورتب ذلك وشرحه وأوضحه على الوجه الصحيح، إنما يقطع على أنه عالم بكيفية سلوك هذا الطريق [ولا يقطع على أنه عالم بكيفية سلوك هذا الطريق] 1 ولا يقطع أنه قد سلكه ووصل فيه إلى البصرة.
وكذلك من وصف لنا كيف يجب أن يعمل الرامي حتى يصيب الهدف، ورتب ما يجب أن يعلمه 2 من أنساء القوس على وجه 3 المخصوص واعتماد جهة السمت، إنما يجب أن يقطع على علمه بكيفية الرمي، وإن كنا نجوز أن يكون هو ما رمي قط، أو رمي ولم يصب الغرض.
وكذلك من وصف لنا كيفية عمل لون من الطبيخ، ورتب لنا ما يجمعه فيه من الأخلاط، وما تقدم منها أو تأخر، إنما يجب القطع على علمه بصفة ذلك اللون من غير تعرض لأنه قد طبخه واتخذه.
وإنما يكون العالم بالله تعالى عارفا به، إذا نظر في الأدلة الموصلة إلى معرفته من الوجه الذي يدل منه، وتكاملت شرائطه المذكورة في الكتب، فإنه إن نظر في الدلالة من الوجه الذي يدل ولم يتكامل الشرائط لم يولد نظره العلم فأنا 4 يوصفه لنا كيف يجب أن يفعل الناظر وترتيب الأدلة، فلا يجب أن يعلم .