ثم قال يقال لهم: لو كان الأمر على ما ظننتموه، لكان قاضي ما فاته من علة أو سفر مندوبا إلى التكبير عقيب القضاء، لقول الله تعالى (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) وقد أجمعت الأمة على أنه لا تكبير عليه فرضا ولا سنة، وإنما هو مندوب إليه عقيب انقضاء شهر رمضان ليلة الفطر من شوال.
فعلم بما ذكرنا سقوط هذه المعارضة وصحة ما ذهبنا إليه في معنى الآية، وأن كمال العدة يراد به نفس شهر الصيام، وإيراده على التمام.
يقال له: قد تبينا أن أمره تعالى بإكمال العدة ليس المراد به صوموا ثلاثين على كل حال، وإنما يراد به صوموا ما وجب عليكم صيامه، واقتضت الرؤية أو العدد الذي نصير إليه بعد الرؤية، وأكملوا ذلك واستوفروه 1، فمن صام تسعة وعشرين يوما وجب عليه لموجب الرؤية، كمن صام ثلاثين يوما وجب عليه برؤية أو عدد عند عدم الرؤية، لأنهما قد أكملا العدة وتمماها.
وإذا كان الأمر على ما ذكرناه فلا حاجة بنا أن نجعل قوله (ولتكملوا العدة) مخصوصا بقضاء الفائت على العليل والمسافر.
ولو قال صاحب الكتاب في جواب ما حكاه من أن بعض حذاقهم قال: إن إكمال العدة إنما أمر به العليل أو المسافر. إن هذا تخصيص للعموم بغير دليل لكان أجود مما عول عليه، لأن قوله تعالى (ولتكملوا العدة) تمام في قضاء الفائت من شهر رمضان وفي استيفاء العدد وتكميله، وإذا صرفه صارف إلى موضع دون آخر، كان مخصصا بغير دليل.
فأما قوله (إن مندوبية التكبير إنما هو عقيب انقضاء شهر رمضان لليلة الفطر وليس على قاضي ما فاته في علة أو سفر تكبير ولا هو مندوب إليه) فغلط منه، لأن التكبير وذكر الله تعالى وشكره على نعمه مندوب إليه في كل وقت وعلى