أن يجعلهم هو قردة، إرادة إجبار واضطرار فكانوا كلهم كذلك، وأراد أن يقوموا بالقسط إرادة بلوى واختيار، فلو أراد أن يكونوا قوامين بالقسط 1 كما أراد أن يكونوا قردة خاسئين، لكانوا كلهم قوامين شاؤوا أو أبوا، ولكن لو فعل ذلك ما استحقوا حمدا لا أجرا.
ومما يدل من القرآن على أن الله أراد بخلقه الخير والصلاح ولم يرد بهم الكفر والضلال قوله سبحانه: (يريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة) 2 فأخبر أن ما أراد غير ما أرادوا.
وقال: (يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم) 3 فأخبر أن إرادته في خلقه الهداية والتوبة والبيان ثم قال: (والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيم) 4 فأخبر أن ما أراد الله منهم [غير ما أراد] 5 غيره من الميل العظيم.
وقال: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره) 6 فأخبر أنه إنما يأبى ما أراده العباد من إطفاء نوره. وقال: (وما الله يريد ظلما للعباد) 7 وقال (وما الله يريد ظلما للعالمين) 8 فأخبر أنه تعالى لا يريد الظلم بوجه من الوجوه، كما أنه لما قال: (ولا يرضى .