فإن قيل: من أين أنه أمرهم بالسجود [له] 1 على وجه التعظيم والتقديم؟
قلنا: لا يخلو تعبدهم له بالسجود من أن يكون على سبيل القبلة والجهة من غير أن يقترن به تعظيم وتقديم أو يكون على ما ذكرناه، فإن كان الأول لم يجز 2 أنفة إبليس من السجود وتكبره عنه وقوله (أرأيتك هذا الذي كرمت علي) 3 وقوله: (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) 4.
والقرآن كله ناطق بأن امتناع إبليس من السجود إنما هو لاعتقاده التفضيل به والتكرمة، ولو لم يكن الأمر على هذا لوجب أن يرد الله تعالى عليه 5 ويعلمه أنه ما أمره بالسجود على جهة تعظيمه له [عليه] 6 ولا تفضيله، بل على الوجه الآخر الذي لاحظ للتفضيل [والتعظيم] 7 فيه وما جاز إغفال ذلك، وهو سبب معصية إبليس وضلالته، فلما لم يقع ذلك دل على أن الأمر بالسجود لم يكن إلا على جهة التفضيل والتعظيم، وكيف [يقع] 8 شك في أن الأمر على ما ذكرناه وكل من أراد 9 تعظيم آدم عليه السلام ووصفه بما يقتضي الفخر والشرف نعته بإسجاد الملائكة، وجعل ذلك من أعظم فضائله، وهذا مما لا شبهة فيه.
فأما اعتماد بعض أصحابنا في تفضيل الأنبياء على الملائكة على أن المشقة